إلى المادّة ، فما هو مقتضى الأصل اللّفظي والعملي؟
أمّا الأصل العملي فنقول : لا بدّ فيه من التفصيل بين الشرط المشكوك رجوعه إلى المادّة أو الهيئة وبين مشروطه.
أمّا الشرط كالإستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ، فلا إشكال في أنّ مردّ الشكّ فيه إلى الشكّ في وجوب تحصيله وعدمه ، والأصل حينئذٍ هو البراءة كما لا يخفى ، وقد أفتى به بعض الفقهاء في باب صلاة الجمعة بإنّ إقامة صلاة الجمعة من شرائط الوجوب لا الواجب لظاهر قوله تعالى : ( إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ... ) حيث إنّ ظاهرها أنّ السعي إلى ذكر الله وحضور الجمعة متوقّف على إقامتها من قبل جماعة والنداء إليها ، وبدون ذلك لا يجب الحضور. ولو فرض الشكّ في ذلك فالأصل هو البراءة عن وجوب الإقامة.
وأمّا بالنسبة إلى المشروط كالحجّ بالنسبة إلى الاستطاعة ، فيتصوّر فيه حالات ثلاثة :
فتارةً : لا يحصل الشرط فلا تتحقّق الاستطاعة فلا إشكال أيضاً في أنّ الأصل هو البراءة عن وجوب الحجّ ، لأنّ الشكّ في كون الاستطاعة شرطاً للوجوب أو للواجب يسري إلى المشروط ، ونتيجته الشكّ في أصل وجوب الحجّ والأصل فيه البراءة.
واخرى : يتحقق الشرط فتتحقق الاستطاعة مثلاً ، فلا كلام في وجوب الحجّ وهو واضح.
وثالثة : فيما لو تحقق الشرط ثمّ زال ، فيتصوّر له أيضاً ثلاث حالات :
الاولى : ما إذا علمنا أنّ الشرط قد شُرط حدوثاً وبقاءً فلا إشكال في عدم وجوب الحجّ من دون حاجة إلى جريان البراءة ، للعلم بعدم وجوبه حينئذٍ ، وذلك نظير صحّة البدن بالنسبة إلى الصّيام فإنّه شرط له حدوثاً وبقاءً.
الثانيّة : ما إذا علمنا أنّ الشرط هو شرط حدوثٍ فحسب فلا كلام أيضاً في وجوب المشروط لحصول شرطه.
الثالثة : ما إذا شككنا في أنّه شرط حدوث وبقاء معاً أو حدوث فقط ، فالأصل هو الاستصحاب لثبوت وجوب المشروط بحدوث الشرط ، فإذا شككنا في بقائه من جهة الشكّ في شرطيّة بقاء الشرط كان الأصل هو استصحاب بقاء الوجوب.
إن قلت : لا بدّ في الاستصحاب من وحدة الموضوع ( أي موضوع القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ) وهي مفقودة في المقام لأنّ الموضوع في القضيّة المتيقّنة إنّما هو عنوان المستطيع ،