من قبيل الدواعي لتعلّق الإرادة بالأفعال لا أنّها بأنفسها تحت التكليف حتّى يكون الأمر المتعلّق بالأفعال مترشّحاً من الأمر المتعلّق بها ، وما قيل من أنّها مقدورة بالواسطة ولا فرق في القدرة بين أن تكون بلا واسطة وأن تكون بالواسطة قد عرفت ما فيه من أنّه إنّما يتمّ في الأفعال التوليديّة لا في العلل المعدّة » (١).
أقول : يمكن النقاش في جميع ما ذكر ، أمّا ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله بعنوان الحلّ النهائي للاشكال من أنّ الواجب النفسي معنون بعنوان حسن في نفسه ، ففيه : أنّه لا تتصوّر عبادة يكون لها حسن ذاتي مع قطع النظر عن المصالح التي تترتّب عليها بعد تعلّق الأمر بها التي هي عبارة عمّا ورد في قوله عليهالسلام : « فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك والصّلاة تنزيهاً عن الكبر والصّيام ابتلاءً لاخلاص الخلق والحجّ تقوية للدين والجهاد عزّاً للإسلام » (٢) وغير ذلك من نظائره ، حتّى في مثل السجود والركوع حيث إنّا لا نعقل لحسنهما معنىً غير ما يترتّب عليهما من المصالح من تربية النفوس والقرب إلى الله ، نعم أنّه يتصوّر في مثل معرفة الله وغيرها من أشباهها.
وبهذا يظهر ما في كلام بعض الأعلام في المحاضرات حيث إنّه سلّم وجود حسن ذاتي في مثل السجود والركوع مع قطع النظر عن تعلّق الأمر به.
وأمّا ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله من أنّ أفعال الواجبات بالإضافة إلى ما يترتّب عليها من المصالح من قبيل المعدّات لا الأسباب.
ففيه : أنّه مخالف لظواهر الآيات والرّوايات ، حيث إنّ ظاهرها أنّ الصّلاة مثلاً بنفسها مع جميع اجزائها وشرائطها علّة للتنزيه عن الكبر أو للنهي عن الفحشاء والمنكر ، وهكذا الصّوم بالنسبة إلى الاخلاص ، والجهاد بالنسبة إلى العزّة ، والحجّ بالنسبة إلى تقوية الدين ، ولا أقلّ من أنّها مقتضية تؤثّر أثرها مع اجتماع شرائطه لا أنّها معدّات لإفاضة تلك المصالح من جانب الله تعالى.
فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ المصالح التي تترتّب على الأفعال امور خارجة عن دائرة علم المكلّفين بتفاصيلها ، وبالتبع خارجة عن دائرة قدرتهم بل أنّها معلومة للمولى وتكون
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١٦٧.
(٢) نهج البلاغة : ح ٢٥٢.