يمكن لأمثالنا ، نعم لا شبهة أنّ لإتيان الأعمال الصالحة لاجل الله تعالى تأثيراً في صفاء النفس وتحكيماً لملكة الانقياد والطاعة ولها بحسب مراتب النيّات وخلوصها تأثيرات في العوالم الغيبية ».
وقال في شرح المسلك الثاني بعد أن اعترف بأنّه ظاهر قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها ) إلى غير ذلك ، وأنّه هو المرضي عند المحقّق النهاوندي رحمهالله على ما حكي عنه ـ ما نصّه : « لا شكّ أنّ التخلّف بعد الجعل قبيح لاستلزامه الكذب لو اخبر عنه مع علمه بالتخلّف كما في المقام أو لاستلزامه التخلّف عن الوعد والعهد لو أنشأه ، وامتناعهما عليه تعالى واضح جدّاً » ، ( ومقصوده أنّ ترتّب الثواب ليس من باب الاستحقاق بحيث يلزم من عدمه الظلم بل أنّه من باب العمل بالوعد والعهد ومن باب أنّ عدمه يلزم الكذب والتخلّف عن الوعد ).
وأمّا المسلك الثالث فقال « أنّه خلاف التحقيق في جانب الثواب لأنّ من عرف مقام ربّه من الغنى والعظمة ومقام نفسه من الفقر والفاقة يعرف نقصان ذاته وإنّ كلّ ما ملكه من أعضاء وجوارح ونعم كلّها منه تعالى لا يستحقّ شيئاً إذا صرفه في طريق عبوديته » (١).
أقول : أمّا القول الأوّل : فمضافاً إلى ما أورده عليه ( من أنّه أمر مستور لنا ) يرد عليه أنّه مخالف لظواهر الآيات والرّوايات حيث إنّ ظاهرها أنّ الجنّة والنار خلقا من قبل كقوله تعالى : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) وقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) فإنّ كلمة « اعدت » ظاهرة أو صريحة في أنّهما مخلوقان في الحال.
نعم هناك أمر يسمّى بتجسّم الأعمال وهو يستفاد من غير واحد من الآيات والرّوايات نظير ما ورد في باب الأعمال من أنّها تظهر للإنسان على أحسن صورة فيسأل عنها ما أنت؟ فتجيب بأنّي صلاتك أو صومك ، ولكن هذا شيء آخر غير ما ذكر لأنّ تبدّل العمل بصورة تناسبه شيء ، وخلق النفس صوراً غيبية بهيئة من الحور والقصور شيء آخر ، فتدبّر جيّداً.
وأمّا القول الثاني : فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لا غبار عليه وأنّه موافق لظواهر الآيات
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٩٤ ـ ١٩٥ ، طبع مهر.