والرّوايات ، فللثواب والعقاب مصداقان ، أحدهما ما اعدّ للعباد قبل العمل ، والثاني ما ينشأ من ناحية العمل ويتجسّم العمل فيه.
وأمّا القول الثالث : فإن كان المراد من الاستحقاق نظير استحقاق العامل الأجير للُاجرة ، فالحقّ ما أورده عليه من أنّه خلاف التحقيق في جانب الثواب لنفس ما ذكره ، وإن كان المراد منه ما مرّ بيانه من اللياقة للمطيع وعدم المساواة بينه وبين العاصي فلا بأس به كما مرّ.
هذا كلّه في أنّ الثواب المترتّب على الواجب النفسي هل هو من باب الاستحقاق أو التفضّل ، فلنرجع إلى أصل المسألة وهو ترتّب الثواب على الواجب الغيري وعدمه.
فنقول : فيه وجوه أو أقوال :
١ ـ عدم ترتّب الثواب مطلقاً ، وهو ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية.
٢ ـ ترتّب الثواب مطلقاً ، ولم نجد له قائلاً.
٣ ـ الفرق بين ما تعلّق به الأمر الأصلي وما تعلّق به الأمر التبعي ، فيترتّب الثواب على الأوّل دون الثاني.
٤ ـ ما ذهب إليه في تهذيب الاصول من أنّه يختلف باختلاف المباني الثلاثة المذكورة آنفاً في كيفية ترتّب الثواب والعقاب الاخرويين ، فعلى المبنى الأوّل لا فرق بين الواجبات النفسيّة والواجبات الغيريّة فكما أنّ الإتيان بالواجبات النفسيّة يوجب استعداد النفس لانشاء صور غيبية كذلك الإتيان بالواجبات الغيريّة ، لكن قد عرفت الإشكال في أصل المبنى وتصوّره في مقام الثبوت ، وعلى المبنى الثاني فلا فرق أيضاً بين القسمين من الواجبات حيث إنّه كما يجوز الجعل على أصل العمل يجوز الجعل على المقدّمات أيضاً ( من دون الالتزام بكونها عبادة برأسها ) كما يظهر من عدّة من الأخبار نظير ما ورد في باب زيارة الإمام الطاهر أبي عبدالله الحسين عليهالسلام من ترتّب الثواب على كلّ خطوة.
وعلى المبنى الثالث ـ على فرض صحّته ـ المبنى فرق بين الواجبات النفسيّة والغيريّة فيترتّب الثواب على الأوّل دون الثاني ، لأنّ الاستحقاق إنّما هو على الطاعة ولا يعقل ذلك في الأوامر الغيريّة ، لأنّها بمعزل من الباعثية لأنّ المكلّف حين إتيان المقدّمات لو كان قاصداً لامتثال الأمر النفسي فالداعي حقيقة هو ذاك الأمر دون الغيري ، وإن كان راغباً عنه معرضاً