فلا معنى لإتيان المقدّمات لأجل ذيها (١).
٥ ـ التفصيل بين ما إذا أتى بالمقدّمات بشرط قصد التوصّل به إلى الواجب النفسي ، وما إذا أتى بها لا بهذا القصد ، فيترتّب الثواب على الأوّل دون الثاني ، ذهب إلى هذا التفصيل المحقّق النائيني رحمهالله وتلميذه المحقّق في المحاضرات ، والفرق بينهما أنّ المحقّق النائيني رحمهالله ذهب إلى أنّ الثواب المترتّب على المقدّمة نفس ما يترتّب على ذي المقدّمة وليس ثواباً مستقلاً ، غاية الأمر أنّ الآتي بالواجب الغيري إن قصد به التوصّل إلى الواجب النفسي فهو شارع في الإطاعة من حين الشروع بالمقدّمة ويزيد الثواب حينئذ (٢) ، ولكن قال في المحاضرات أنّه ثواب مستقلّ فيستحقّ العبد على الإتيان بالمقدّمة وذيها ثوابين إذا قصد بإتيان المقدّمة التوصّل إلى الواجب النفسي (٣).
أقول : الحقّ في المسألة وجه آخر ، وهو ترتّب الثواب على المقدّمة بشرط قصد التوصّل بها إلى ذيها مضافاً إلى اشتراط الوصول الفعلي إلى ذي المقدّمة لولا المانع ، أي يترتّب الثواب على خصوص المقدّمة الموصلة مع قصد التوصّل بها بل يترتّب الثواب أيضاً حتّى لو لم يصل إلى ذي المقدّمة ولكن لحدوث مانع غير اختياري.
أمّا أصل ترتّب الثواب على المقدّمة في مقابل من ينكره على الإطلاق فلما اخترناه في الواجب النفسي في مقدّمة هذا البحث من أنّ الاستحقاق في ما نحن فيه إنّما هو بمعنى لياقة يكتسبها العبد بطاعته وتقرّبه ، وإنّ حكمة المولى الحكيم تقتضي عدم التسوية بين المطيع والعاصي فإنّه لا إشكال في أنّ هذه اللياقة وهذا التقرّب يحصل وجداناً أيضاً لمن أتى بالمقدّمات بقصد التوصّل إلى ذي المقدّمة حيث إنّ العبد بإتيانه المقدّمات يتقرّب إلى الواجب ، والوجدان حاكم بأنّ المتقرّب إلى ما أوجبه الله تعالى متقرّب إلى الله نفسه.
ويؤيّد هذا بل يدلّ عليه ما ورد من الآيات والرّوايات التي تؤكّد جدّاً على ترتّب الثواب على بعض المقدّمات ، نظير قوله تعالى بالنسبة إلى مقدّمات الجهاد في سبيل الله بل ومقارناته :
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ص ١٩٥ ـ ١٩٦ ، طبع مهر.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١٧٤.
(٣) المحاضرات : ج ٢ ، ص ٣٩٧.