إليها أو لم يقصد ، وسواء تحقّق بعد ذلك الإزالة أو لم تتحقّق ، وسواء أراد الإزالة أو لم يردها مع أنّه أيضاً مخالف للوجدان والارتكاز الديني.
إذا عرفت هذا فنقول : استدلّ المحقّق الخراساني رحمهالله على القول الأوّل ( أي أنّ وجوب المقدّمة مطلق إن كان ذو المقدّمة واجباً مطلقاً ومشروط إن كان ذو المقدّمة واجباً مشروطاً ) بالبداهة والضرورة وقال : « إنّ نهوض حجّة القول بوجوب المقدّمة ( على تقدير تسليمها ) على التبعيّة واضح لا يكاد يخفى وإن كان نهوضها على أصل الملازمة لم يكن بهذه المثابة ».
ويبدو كلامه هذا جيّداً في بادىء النظر ولكن سيأتي عند التعرّض لأدلّة سائر الأقوال عدم مقاومته لها فانتظر.
وأمّا القول الثاني : وهو ما ذهب إليه صاحب المعالم من أنّ وجوب المقدّمة مشروط بإرادة ذي المقدّمة ، فهو لم يستدلّ له بشيء ، وإنّما قال بأنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة لا تنهض على أكثر من ذلك ، ولذلك فجوابه واضح لأنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة تدلّ على وجود الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة ، والملازمة تقتضي تبعيّة أحدهما عن الآخر في الإطلاق والاشتراط وأن يكون أحدهما مثل الآخر في القيود والخصوصيّات إلاّما قام الدليل على خلافه ، هذا ـ مضافاً إلى أنّ لازمه كون وجوب المقدّمة تابعاً لإرادة المكلّف ودائراً مدار اختياره وعزمه وهو باطل قطعاً ، بداهة أنّ لازمه عدم الوجوب عند عدم الإرادة.
هذا كلّه مع قطع النظر عمّا مرّ من بعض الأعاظم من أنّ المستفاد من كلمات صاحب المعالم في مبحث الضدّ أنّ مراده إنّما هو القول الخامس وأنّه ليس شيئاً مستقلاً عنه.
وأمّا القول الثالث : ( وهو ما نسب إلى الشّيخ الأعظم رحمهالله من أنّ الواجب هو المقدّمة التي قصد بها التوصّل إلى ذي المقدّمة ) فقد اختلف في صحّة انتسابه إلى الشّيخ الأعظم رحمهالله أيضاً ، فقال بعض بأنّ مراده اشتراط قصد التوصّل إلى الواجب في مقام الامتثال والطاعة وترتّب المثوبة ، أي لا بدّ في مقام الإتيان بالمقدّمة والتقرّب بها إلى الله تعالى من قصد التوصّل بها إلى ذي المقدّمة حتّى يترتّب عليها الثواب ، ولكن على فرض صحّة الانتساب يستدلّ لهذا القول بأنّ الواجب إنّما هو الفعل بعنوان المقدّمة لا ذات الفعل فحسب ، وعليه فلابدّ في الإتيان بها من لحاظ هذا العنوان وإلاّ لم يأت بالواجب ، ولحاظ العنوان يساوق قصد التوصّل بها إلى ذي المقدّمة ، فثبت المطلوب.