المقدّمة في الخارج تحصيل للحاصل ، وعلى الأوّل فإمّا أن يكون السقوط لأجل العصيان أو لفقد الموضوع أو لموافقة الخطاب وحصول الامتثال ، والأول غير حاصل لفرض الإتيان بالمقدّمة ، وكذا الثاني لبقاء وجوب ذي المقدّمة ، فيتعيّن الثالث وهذا هو المطلوب ، إذ لو كان الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة لم يسقط الأمر الغيري ، فالسقوط كاشف عن أنّ الواجب هو مطلق المقدّمة ولو لم توصل إلى ذيها.
أقول : يمكن الدفاع عن صاحب الفصول :
أوّلاً : بأنّ للمولى نوعين من الغرض : غرض ابتدائي وهو التمكّن من الوصول إلى ذي المقدّمة ، وغرض نهائي وهو الوصول إلى نفس ذي المقدّمة ، فليس الغرض منحصراً في إمكان الوصول ، فإذا تحقّق الأوّل بقي الثاني.
ثانياً : صحيح أنّ المتوقّع من كلّ شيء لا بدّ أن يكون خصوص ما يترتّب عليه من الأثر وما يمكن صدوره منه ، وأنّ المترتّب على إيجاد المقدّمة إنّما هو التمكّن من الوصول لا نفس الوصول ، ولكن لا إشكال في أنّ الوصول به إلى ذي المقدّمة يكون مقدوراً للمكلّف ، فللمولى أن يطلب من المكلّف خصوص الوصول إلى ذي المقدّمة ، وأنّ يكلّفه بخصوص مقدّمة توصّله إلى ذي المقدّمة ، لأنّ ملاك صحّة التكليف بشيء إنّما هو كونه مقدوراً للمكلّف وهو حاصل في المقام.
ثالثاً : نحن لا نوافق سقوط الأمر بإيجاد مطلق المقدّمة مع عدم ترتّب ذي المقدّمة عليه بل إنّه باقٍ على فعليّته وداعويّته ما لم يأت بذي المقدّمة ، أي أنّ بقاء داعويته مشروط بعدم الإتيان بذي المقدّمة على نحو الشرط المتأخّر ، فإن أتى بذي المقدّمة يسقط الأمر بالمقدّمة عن داعويته ، وما دام لم يأت بذي المقدّمة تكون الداعويّة باقية على حالها ، كما أنّه كذلك في إجزاء الواجب النفسي بالنسبه إلى الأمر النفسي الضمني المتعلّق بكلّ جزء جزء ، فسقوطه عن الفعليّة والداعويّة مشروطة بنحو الشرط المتأخّر بإتيان سائر الأجزاء وإن كان لا يجب تحصيل الحاصل ، فما نحن فيه من هذه الجهة أشبه شيء بأجزاء الواجب النفسي.
ثمّ إنّه مضافاً إلى ما اورد على صاحب الفصول من الإشكالات الثلاثة المزبورة ذكر بعضهم لمقالته ثلاثة توالٍ فاسدة :
الأوّل : أنّ لازم مقالته كون ذي المقدّمة تابعاً في وجوبه وعدمه لإرادة المكلّف في المقدّمات