المحرّمة ، وهو واضح البطلان لأنّ لازمه عدم الوجوب عند عدم الإرادة.
وبيان الملازمة : إنّ انقاذ الغريق مثلاً المتوقّف على الدخول في الأرض المغصوبة إنّما يكون واجباً فيما إذا كان الدخول في الأرض المغصوبة ممكناً ، والدخول في الأرض المغصوبة إنّما يصير ممكناً فيما إذا كان مباحاً ، وإباحته تتوقّف على كونه موصلاً إلى ذي المقدّمة بناءً على وجوب خصوص المقدّمة الموصلة ، والإيصال إلى ذي المقدّمة متوقّف على إرادة المكلّف الوصول إليه ، ونتيجته توقّف وجوب الانقاذ على إرادة المكلّف.
وبعبارة اخرى : لو لم يرد المكلّف الوصول إلى ذي المقدّمة لم تكن المقدّمة موصلة قطعاً ومع عدم إيصالها تكون باقية على حرمتها ، ومع بقاء حرمتها تكون غير ممكنة شرعاً ، وإذا كانت المقدّمة غير ممكنة يسقط ذو المقدّمة عن وجوبه ، فوجوب ذي المقدّمة تابع لإرادة المكلّف.
ولكن يمكن الجواب عنه بأنّه مغالطة واضحة ، لأنّ كلاً من إيجاد ذي المقدّمة وإمكان المقدّمة معلول لعلّة واحدة ، وهي إرادة المكلّف ، أي إذا أراد المكلّف الوصول إلى ذي المقدّمة صارت المقدّمة مباحة ممكنة قطعاً فإباحتها وبالمآل الوصول إلى ذي المقدّمة متوقّف على إرادة المكلّف ، ولا إشكال في أنّ إرادته اختياريّة ومقدورة له ، ونتيجته أن يكون كلّ من المقدّمة وذي المقدّمة مقدوراً له بالواسطة ، فيصحّ تكليفه بإتيانهما.
الثاني : لزوم الدور ، لأنّ مردّ هذا القول كون الواجب النفسي مقدّمة للمقدّمة لفرض أنّ ترتّب وجوده عليها قد اعتبر قيداً لها ، فيلزم كون وجوب الواجب النفسي ناشئاً من وجوب المقدّمة وهو يستلزم الدور ، فإنّ وجوب المقدّمة على الفرض إنّما نشأ من وجوب ذي المقدّمة فلو نشأ وجوبه من وجوبها لدار.
والجواب عنه أوّلاً : إنّه من قبيل الدور المعي الذي ليس محالاً عقلاً حيث إنّ كلّ واحد من المقدّمة وذي المقدّمة يتوقّف على أمر ثالث وهو إرادة المكلّف فهما معلولان لعلّة واحدة.
وثانياً : يمكن أن يقال : إنّ وجوب ذي المقدّمة لا يتوقّف على وجوب مقدّمته قطعاً ، لأنّ المفروض أنّه واجب نفسي ، نعم يلزم من وجوب المقدّمة الموصلة وجوب غيري آخر لذي المقدّمة زائداً على وجوبه النفسي ولا مانع منه ، وهو جيّد.
الثالث : أنّه يستلزم محذور التسلسل ، لأنّ الواجب إذا كان هو خصوص المقدّمة الموصلة ، فبطبيعة الحال تكون المقدّمة مركّبة من جزئين : ذات المقدّمة وقيد الإيصال ، وكلّ من هذين