كالعقود والايقاعات بالنسبة إلى المسبّبات فتجب ، وإلاّ لو كانت من المعدّات كدخول السوق لشراء اللحم أو نصب السلّم للكون على السطح ونحو ذلك فلا تجب ، وبعبارة اخرى : إن كان ذو المقدّمة من الأفعال التسبيبية التوليديّة كالزواج والطلاق والعتاق ونحو ذلك ممّا ليس بنفسه تحت القدرة والاختيار إلاّ أسبابها من العقود والايقاعات وكالإلقاء في النار للاحراق ونحوها ، فهذا ممّا تجب مقدّمته ، وإلاّ لو كان ذو المقدّمة من الأفعال المباشريّة كشراء اللحم والصعود على السطح ونحوهما ممّا كان بنفسه تحت القدرة والاختيار فهذا ممّا لا تجب مقدّمته.
والسرّ في الوجوب في الأوّل دون الثاني أنّ الواجب في الأوّل بنفسه ليس أمراً مقدوراً للمكلّف ، فلابدّ من صرف التكليف النفسي منه إلى مقدّمته بخلافه في الثاني فهو بنفسه مقدور له فلا ملزم لصرفه عنه إلى مقدّمته.
ولكن يرد عليه :
أوّلاً : أنّه خروج عن محلّ النزاع لوجهين : أحدهما : أنّ محلّ النزاع ما إذا كان ذو المقدّمة واجباً على أيّ تقدير ، مع أنّ المفروض في الصورة الاولى لهذا التفصيل عدم وجوب ذي المقدّمة ، وثانيهما : أنّ النزاع في الوجوب الغيري للمقدّمة وعدمه ، مع أنّ الوجوب للمقدّمة في الصورة الاولى يكون نفسياً لأنّه نفس الوجوب الذي صرف إليها جاء من ناحية ذي المقدّمة.
وثانياً : إنّ المسبّب في الشقّ الأوّل أمر مقدور للمكلّف بواسطة سببه ، لأنّ المقدور بالواسطة مقدور ، فلا بأس بتعلّق التكليف به.
التفصيل الثاني : تفصيل المحقّق النائيني رحمهالله ، وإليك نصّ كلامه : « إنّ ما يسمّى علّة ومعلولاً إمّا أن يكون وجود أحدهم مغايراً لوجود الآخر في الخارج أو يكونا عنوانين لموجود واحد وإن كان انطباق أحدهما عليه في طول انطباق الآخر لا في عرضه ، أمّا ما كان من قبيل الأوّل كشرب الماء ورفع العطش فلا إشكال في أنّ الإرادة الفاعلية تتعلّق بالمعلول أوّلاً لقيام المصلحة به ثمّ تتعلّق بعلّته لتوقّفه عليها فيكون حال الإرادة التشريعيّة الآمريّة أيضاً كذلك ، وهذا معنى ما يقال من أنّ المقدور بالواسطة مقدور.
وأمّا ما كان من قبيل الثاني كالإلقاء في النار والإحراق المتّصف بهما فعل واحد في الخارج وإن كان صدق عنوان الإلقاء متقدّماً على صدق عنوان الإحراق رتبة وكذلك عنوان الغسل والتطهير فقد بيّنا سابقاً أنّ كلاً من العنوانين قابل لتعلّق التكليف به كما في قوله عليهالسلام : « اغسل