فظهر أنّ المتعيّن هو القول الرابع ، وهو عدم الاقتضاء مطلقاً ، نعم قد يعبّر بالاقتضاء مسامحة كما أنّه قد يكون من باب التلازم الاتّفاقي بأن تكون المصلحة في الفعل مقارنة للمفسدة في الترك ، كما هو كذلك في مثل الصّلاة والزّكاة وبعض الواجبات الاخر.
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.
أمّا المقام الثاني : وهو البحث عن الضدّ الخاصّ كالصّلاة بالنسبة إلى إزالة النجاسة عن المسجد أو أداء الدَين ففيه قولان :
أحدهما : ما ذهب إليه بعضهم من أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ.
ثانيهما : ما عليه كثير من المحقّقين المتأخّرين وهو عدم الاقتضاء.
واستدلّ للقول الأوّل بوجهين :
الوجه الأوّل : ـ وهو العمدة ـ ما هو مبني على مقدّميّة ترك الضدّ للفعل المأمور به ، فيقال :
١ ـ إنّ ترك الضدّ مقدّمة للفعل المأمور به.
٢ ـ إنّ مقدّمة الواجب واجبة.
٣ ـ والأمر بالشيء يقتضي النهي عن تركه الذي هو الضدّ العامّ ، فلازم المقدّمة الاولى والثانيّة وجوب ترك الصّلاة لازالة النجاسة عن المسجد في المثال المعروف ، ولازم المقدّمة الثالثة حرمة فعل الصّلاة ونتيجتها بطلانها.
ولا يخفى أنّ النكتة الأصلية في هذا البرهان إنّما هي المقدّمة الاولى ولذلك تدور كلمات الأعاظم كالمحقّق الخراساني والميرزا النائيني والمحقّق العراقي رحمهمالله مدارها ، وقد ذكر لإثباتها وجهان :
الوجه الأوّل : أنّه قد قرّر في محلّه أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامّة ، وحيث إنّ العلّة مقدّمة على معلولها فيكون عدم المانع أيضاً مقدّماً على وجود المعلول ، والمعلول في ما نحن فيه فعل الواجب المأمور به كالازالة في المثال ، والمانع هو الصّلاة ، فيصير ترك الصّلاة مقدّمة لفعل الإزالة ، وهو المطلوب في المقدّمة الاولى من البرهان.
ويجاب عن هذا بعدّة أجوبة :