هو من أجزاء موضوع المهمّ ، أي عصيان الأهمّ ، وأمّا خطاب المهمّ فلا تعرّض له لا لعصيان الأهمّ ولا لعدمه لأنّه موضوع له والحكم لا يستدعي وجود موضوعه.
وبهذه المقدّمة يثبت أوّلاً : طوليّة الأمرين ، لأنّ أمر الأهمّ مقدّم على عصيانه الذي هو من جزاء موضوع المهمّ ، فأمر الأهمّ مقدّم على أمر المهمّ برتبتين.
وثانياً : عدم مزاحمة أحدهما للآخر إذا كانا بهذا الشكل.
وثالثاً استحالة أن يكون مقتضى هذين الخطابين الجمع بين متعلّقيهما لأنّ مقتضى أحدهما رفع الآخر وهدمه.
المقدمة الخامسة : إنّ محذور طلب الجمع بين الضدّين إنّما يترتّب على إطلاق الخطابين دون فعليتهما. ( انتهى ) (١).
أقول : المهمّ من هذه المقدّمات في نظره الشريف هو المقدّمة الرابعة ، مع أنّ الحقّ إنّما هو المقدّمة الاولى ، وهي تتضمّن نكتتين :
النكتة الاولى : إنّ الأمر بالضدّين إنّما يستلزم طلب الجمع بينهما فيما إذا كانا عرضيين لا ما إذا كانا طوليين على نحو الترتّب ، بل على فرض المحال لو أتى المكلّف بهما بعنوان المطلوبيّة وجمع بينهما في عرض واحد كان ذلك تشريعاً محرّماً.
النكتة الثانيّة : ما مرّ آنفاً من أنّه عند التزاحم لا بدّ من رفع اليد بمقدار يرتفع به التزاحم لا أزيد.
ولا إشكال في أنّ الأولى نكتة ثبوتيّة والثانيّة إثباتيّة.
وعلى أيّ حال إنّه استنتج منهما بعد ضمّ سائر المقدّمات جواز الأمر الترتّبي ، وادّعى بعد ذلك وقوع موارد كثيرة من الأمر الترتّبي في لسان الشرع ، وإنّ إنكار الترتّب في الاصول يوجب إنكار الضروريات في الفقه :
منها : ما إذا حرمت الإقامة على المسافر في مكان مخصوص ، فإنّه مع كونه مكلّفاً فعلاً بترك الإقامة وهدم موضوع وجوب الصّوم مكلّف بالصوم قطعاً على تقدير عصيانه لهذا الخطاب وقصده الإقامة ، ولا يمكن لأحدٍ الالتزام بعدم وجوب الصّوم عليه على تقدير قصده الإقامة
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٢٨٦ ـ ٢٩٨ ؛ ومنتهى الاصول للبجنوردي : ج ١ ، ص ٣٤٤.