المقدمة الثانيّة : إنّ شرائط التكليف كلّها ترجع إلى قيود الموضوع ، ولا بدّ من أخذها مفروضة الوجود في مقام الجعل والإنشاء ، فلا تكون من قبيل العلّة لثبوت الحكم لموضوعه ، وحينئذٍ يتّضح فساد القول بإنقلاب الواجب المشروط مطلقاً بعد حصول شرطه في الخارج ، ويترتّب عليه فساد توهّم أنّ الالتزام بالترتّب لا يدفع محذور التزاحم بين الخطابين بتوهّم أنّ الأمر بالمهمّ بعد حصول عصيان الأمر بالأهمّ المفروض كونه شرطاً له يكون في عرض الأمر بالأهمّ ، فيقع بينهما التزاحم والمطاردة.
المقدمة الثالثة : إنّ فعلية الخطاب في المضيّقات تكون مساوقة لوجود آخر جزء من موضوعه وشرطه ، ولا يكون بينهما تقدّم وتأخّر زماناً ، فإنّ نسبة الحكم إلى موضوعه وإن لم تكن نسبة المعلول إلى علّته التكوينيّة إلاّ أنّها نظيرها ، فتخلّف الحكم عنه ولو لآنٍ مّا من الزمان يرجع إلى الخلف والمناقضة ، ومن ذلك يعلم أنّ تأخّر الامتثال عن الخطاب أيضاً رتبي لا زماني ، فإنّ نسبة الامتثال إلى الخطاب كنسبة المعلول إلى العلّة أيضاً ، وأوّل زمان الخطاب هو أوّل زمان الامتثال.
المقدمة الرابعة : أنّ انحفاظ الخطاب في تقدير مّا إنّما يكون بأحد وجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : أن يكون مشروطاً بوجود ذلك التقدير ، أو يكون مطلقاً بالإضافة إليه ، وهذا إنّما يكون في موارد الانقسامات السابقة على الخطاب ، فالإطلاق كالتقييد حينئذٍ يكون لحاظياً.
الوجه الثاني : أن يكون الخطاب بالإضافة إلى ذلك التقدير مطلقاً بنتيجة الإطلاق أو يكون مقيّداً به بنتيجة التقييد ، وهذا إنّما يكون في الانقسامات المتأخّرة عن الخطاب اللاّحقة له.
الوجه الثالث : أن يكون الخطاب بنفسه مقتضياً لوضع ذلك التقدير أو لرفعه محفوظاً في الصورتين لا محالة ، وهذا القسم مختصّ بباب الطاعة والعصيان.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ خطاب الأهمّ في ظرف عصيانه يكون انحفاظه من القسم الثالث ، أي يكون انحفاظه من قبيل انحفاظ المؤثّر في ظرف تأثيره ، والعلّة في ظرف وجود معلوله ، والمقتضي في ظرف وجود ما يقتضيه ، فخطاب الأهمّ يقتضي إيجاد متعلّقه وامتثاله واطاعته وهدم عصيانه الذي هو من أجزاء موضوع المهمّ ، فخطاب الأهمّ دائماً يطرد ويهدم ما