مقام الظاهر ، لكن هذا يفيد في الاصول الشرعيّة ، ويبقى الكلام بعدُ في البراءة العقليّة والظنّ الانسدادي بناءً على الحكومة ، لأنّهما يكشفان عن عدم العقاب فحسب ولا يدلاّن على ثبوت الحكم ، وكذا الاحتياط العقلي ، نعم لا مانع من الاستطّراد في هاتين المسألتين.
الثاني : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وهو « أنّه صناعة يعرف بها القواعد التي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام أو التي ينتهي إليها في مقام العمل ».
ولا يخفى أنّ قوله « يمكن أن تقع ... » عوضاً عن تعبير المشهور « الممهّدة » إنّما تكون لأجل شمول التعريف للمباحث اللّفظيّة لأنّها وإن لم تكن ممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي ومخصوصة به بل يستفاد منها في استنباط غيره أيضاً ، إلاّ إنّه لا إشكال في أنّها يمكن أن تقع في طريق الاستنباط.
كما أنّ تعريفه يشمل الاصول العقليّة والظنّ الانسدادي على الحكومة أيضاً لدخولهما تحت عنوان « أو التي ينتهي إليها في مقام العمل » الوارد في ذيل التعريف.
نعم يرد عليه : أوّلاً : أنّ تعبيره بأنّ علم الاصول « صناعة » بدل كلمة « العلم » تعبير غير مناسب عرفاً ، لأنّ الصناعة تطلق في العرف على العمل لا العلم إلاّمجازاً.
وثانياً : أنّه ليس مانعاً عن دخول القواعد الفقهيّة لكونها أيضاً قواعد تقع في طريق الاستنباط.
الثالث : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وهو « إنّه علم بالكبريات التي لو انضمّت إليها صغرياتها يستنتج منها حكم فرعي » (١).
ويرد عليه : أنّه لا يعمّ البراءة العقليّة وشبهها والظنّ الانسدادي على الحكومة لأنّ مدلول كلّ واحد منها المعذّريّة عن العقاب ولا يستنبط منها الحكم الشرعي ، لا الواقعي ولا الظاهري كما أشرنا إليه آنفاً.
الرابع : ما في تهذيب الاصول من أنّه « هو القواعد الآليّة التي يمكن أن تقع في كبرى استنتاج الأحكام الكلّية الفرعيّة الإلهيّة أو الوظيفة العمليّة ».
فأخرج بقيد « الآليّة » القواعد الفقهيّة لأنّها ينظر فيها لا بها فتكون استقلاليّة لا آليّة ، كما
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٩ طبع جماعة المدرّسين.