الخارج ، فوجوب الحجّ في قوله تعالى : ( لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) تعلّق بعنوان المستطيع لا بما أنّه عنوان كلّي موجود في الذهن بل تعلّق به بما أنّه مشير إلى ما في الخارج ، وحينئذٍ يكون المتعلّق حقيقة هو الأفراد ، ولا معنى للانحلال إلاّهذا ، وبه يندفع ما استدلّ به في هذه المقدّمة من « لغويّة دعوة كلّ واحد بخطاب مستقلّ بعد كفاية خطاب واحد » وذلك لأنّه لا لغويّة في البين إذا كان مراد الشارع هو الأفراد لأنّه لا طريق حينئذٍ لتوجيه الخطاب إليهم إلاّبتوجيهه إلى عنوان كلّي مشيراً إليهم على نحو الانحلال.
وهكذا يندفع ما استدلّ به ثانياً من « لزوم أكاذيب من الخبر الواحد الكاذب » وذلك لأنّ الصدق أو الكذب من صفات ظاهر الكلام ، وهو في وحدته أو تعدّده تابع لوحدة الكلام وتعدّده ، ولا إشكال في أنّ الكلام في المقام واحد والانحلال من صفات واقع الكلام ، وخطاب الشارع في نفس الأمر ينحلّ إلى أحكام متعدّدة لا إلى خطابات عديدة مستقلّة.
وأمّا قضيّة الاستهجان ففيها : أنّ إتمام الحجّة على جميع العباد يقتضي شمول الحكم وتعميمه لجميع المكلّفين في مرحلة الإنشاء ، كما أنّه في مرحلة الابلاغ والفعليّة أيضاً يعمّ جميع المكلّفين لاتمام الحجّة ولأن يهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة.
وثانياً : لازم عدم الانحلال هو التفصيل في الأحكام الكلّية القانونيّة بين العمومات والمطلقات ، لأنّه لا إشكال في انحلال الخطابات التي صدرت بنحو العموم الإفرادي إلى أحكام عديدة بعدد الأفراد كما اعترف نفسه به ، ولا وجه لهذا التفصيل لوضوح أنّ الأحكام لا تختلف بسبب كون الدالّ عليه مطلقاً أو عامّاً ، فلا فرق بين المطلق والعام الافرادي من حيث الانحلال ، نعم الفرق بينهما أنّه في العام الافرادي يكون ذلك بالدلالة المطابقية ، وفي المطلق بالدلالة الالتزاميّة.
ثالثاً : لو لم يصحّ الانحلال فما هو الفارق بين العامّ المجموعي والعام الافرادي ، فإنّه لا فرق بينهما إلاّبالانحلال إلى أحكام متعدّدة في الافرادي دون العام المجموعي فإنّه حكم واحد على موضوع واحد.
ورابعاً : لازم عدم الانحلال عدم إمكان قصد الأمر للمكلّف ، لأنّه حينئذٍ لم يتعلّق الأمر بشخص المكلّف ، مع أنّه لا كلام ولا إشكال في إمكان قصد الأمر لكلّ مكلّف ، ولازمه أن يكون المتعلّق اشخاص المكلّفين في الواقع ، ولكن بإندراجهم في عنوان واحد ، بإنشاء واحد