الأمر السادس : قد يقال بإمكان حلّ مسألة اجتماع الأمر والنهي من ناحية الترتّب لأنّها في مثال إتيان الصّلاة في الدار المغصوبة مثلاً ترجع في الحقيقة إلى أن يقول المولى لعبده : « لا تغصب وإن غصبت فلا أقلّ صلّ » ولكن الصحيح أنّه لا ربط بين المسألتين ، لأنّ مسألة الترتّب تجري في الضدّين اللّذين هما شيئان وجوديان لا يجتمعان في الوجود ، بخلاف مسألة اجتماع الأمر والنهي التي يكون المتعلّق فيها شيء واحد وإن كان مجمعاً لعنوانين ، فإنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون على القول بالامتناع مع قطع النظر عن الترتّب كما هو المفروض.
الأمر السابع : في ثمرة البحث عن الترتّب.
إنّ ثمرة البحث تصحيح العمل إذا كان من العبادات من طريق قصد الأمر ، فإنّ لازم جواز الترتّب كون الصّلاة مثلاً في المثال المعروف مأموراً بها فيمكن إتيانها بقصد هذا الأمر.
نعم هيهنا طريقان آخران لتصحيح العمل أيضاً :
أحدهما : قصد الملاك والمحبوبيّة.
والثاني : قصد الأمر المتعلّق بكلّي الصّلاة بلحاظ تعلّقه بسائر الأفراد غير هذا الفرد المزاحم.
إن قلت : إنّ متعلّق الأمر وإن كان هو طبيعة الصّلاة وماهيتها ، ولكن لا إشكال في أنّها قنطرة إلى أفرادها في الخارج وعنوان مشير إليها ، فكأنّ الأمر تعلّق بالافراد من أوّل الأمر ، وحينئذٍ كيف يمكن تصحيح هذا الفرد بقصد الأمر المتعلّق بذاك الفرد مع أنّهما فردان مختلفان؟
قلنا : المفروض أنّه لا فرق بين الفردين إذا كانا فردين لماهية واحدة ، إنّما الفرق في وقوع المزاحمة لأحدهما دون الآخر.
وهنا ثمرات اخرى لجواز الترتّب :
منها : في ما إذا أتى بالصّلاة إخفاتاً بدل إتيانها جهراً وبالعكس ، أو أتى بالصّلاة قصراً بدل إتيانها تماماً وبالعكس ، فقد ذهب المشهور إلى صحّة الصّلاة إذا كان جاهلاً مقصّراً مع ترتّب العقاب ، ولكن استشكل عليهم بأنّه كيف يترتّب العقاب مع صحّة الصّلاة ، فمن الوجوه التي ذكرت لحلّ هذا الإشكال ما ذكره الشّيخ الكبير كاشف الغطاء رحمهالله من أنّه داخل في باب الترتّب ، وأنّ المكلّف مأمور أوّلاً بإتيان الصّلاة جهراً مثلاً ، وعلى فرض عصيانه مأمور به