هناك مبنيّاً على وجود الطبيعي وعدمه ، إذ الظاهر أنّ من يقول بتعلّق الأحكام بالافراد لا ينكر وجود الطبيعي ، بل الذي يمكن أن يكون محلّ النزاع على وجه يرجع إلى أمر معقول هو أن يكون النزاع في سراية الأمر بالطبيعة إلى الخصوصيّات ولو على النحو الكلّي ، أي خصوصيّة ما بحيث تكون الخصوصيّة داخلة تحت الطلب تبعاً ، فالقائل بتعلّق الأحكام بالافراد يدّعي السراية والتبعيّة والقائل بتعلّق الأحكام بالطبائع يدّعي عدم السراية ، فلو كان النزاع هناك على هذا الوجه فألحق أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي تبتني على ذلك » (١).
هذا هو إجمال ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله ، وأمّا في تهذيب الاصول فقد ذكر لمسألة تعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد تفاسير ستّة ، وقال بعدم وجود الربط بين المسألتين بناءً على اثنين منها ، ووجود الربط بينهما بناءً على الأربعة الاخرى (٢). وتشابه مقالته مقالة المحقّق النائيني رحمهالله من بعض الجهات فلا بأس بتركها.
أقول : الصحيح هو التفصيل المزبور ، لأنّه بناءً على التفسير الأوّل ( وهو كون النزاع في تلك المسألة مبنيّاً على وجود الطبيعي وعدمه ) وإن كانت الأحكام تتعلّق بالافراد ( التي هي منشأ لانتزاع الكلّي الطبيعي ) ولكنّها تتعلّق بها مجرّدة عن الخصوصيّات الفرديّة في الخارج ، فيمكن حينئذٍ أن يكون الفرد معنوناً بعنوانين ويصحّ النزاع في جواز الاجتماع وعدمه ، فلا تبتني مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي على مسألة تعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد ، لأنّه حتّى بناءً على تعلّقها بالافراد أيضاً يتصوّر جواز الاجتماع كما يتصوّر امتناعه ، فيتصوّر جريان النزاع في الجواز وعدمه على كلا القولين.
وأمّا بناءً على التفسير الثاني ( وهو كون النزاع في تلك المسألة في سراية الأمر بالطبيعة إلى الخصوصيّات بحيث تكون الخصوصيّة أيضاً داخلة تحت الطلب ) فالربط بين المسألتين واضح ، فيصحّ النزاع بناءً على تعلّقها بالطبائع ولا إشكال فيه ، ولا يصحّ بناءً على تعلّقها بالافراد بل من الواضح حينئذٍ القول بالامتناع لأنّ المفروض حينئذٍ أنّ الأحكام تعلّقت بالخصوصّيات والتشخّصات الفرديّة أيضاً ، وهي لا يمكن أن تصير مجمعاً لعنوانين.
إن قلت : بناءً على القول بتعلّق الأوامر بالافراد ولحاظ الخصوصيّات الفرديّة إنّما تلاحظ
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤١٦ ـ ٤١٧.
(٢) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٨١ ـ ٣٨٢ ، طبع جماعة المدرّسين.