وبهذا يظهر أنّ الوجه الثالث من الوجوه الأربعة التي أجاب بها المحقّق الخراساني رحمهالله عن الإشكال في غير محلّه.
مضافاً إلى أنّ البدعة والتشريع ليس مجرّد عمل للقلب بل إنّه يتشكّل من عمل خارجي كالصيام في العيدين ومن عقد القلب بكونه مشروعاً.
وإن شئت قلت : إنّ الاعتقاد القلبي يكون سبباً لانطباق عنوان التشريع على العمل الخارجي ، وعلى أيّ حال : يتّحد متعلّق الحرمة الذاتيّة مع متعلّق الحرمة التشريعيّة فيعود المحذور الذي في كلام المستشكل.
وهكذا الوجه الأوّل والثاني ، أمّا الأوّل : فلأنّه مبني على تعلّق النهي في لسان الأدلّة على ذات الأفعال المنهي عنها مع أن الظاهر أنّه تعلّق بالصّلاة مع قصد القربة في مثل قوله عليهالسلام : « دعي الصّلاة أيّام أقرائك » فليست العبادة الواردة في لسان الأدلّة العبادة الشأنيّة بل إنّها ناظرة إلى مقام الفعل والقصد.
وأمّا الثّاني : ( وهو النقض بالعبادات الذاتيّة ) فلأنه التزام بنفس الإشكال وإقرار بأنّه لو لم تكن العبادة ذاتيّة كان الإشكال وارداً ، فيكون الجواب أخصّ من الإشكال.
فالوجه الصحيح والتامّ من الوجوه الأربعة إنّما هو الوجه الرابع وهو كفاية الحرمة التشريعيّة لفساد العمل.
ثمّ إنّ للمحقّق الحائري قدسسره في المقام تفصيلاً آخر ، وهو التفصيل بين ما إذا تعلّق النهي بنفس المقيّد وهي الصّلاة المخصوصة مثلاً ( كأن يقال مثلاً لا تصلّ في الحمّام ) وما إذا تعلّق النهي بأمر آخر يتّحد مع الطبيعة المأمور بها ( كأن يقال مثلاً « كون صلاتك في الحمّام حرام » أو « كون صيامك في العيدين حرام » ) ففي الصورة الاولى يوجب النهي الفساد من جهة عدم إمكان كون الطبيعة من دون تقييد ذات مصلحة توجب المطلوبيّة ، والطبيعة المقيّدة بقيد خاصّ ذات مفسدة توجب المبغوضيّة ، لأنّ الجهة الموجبة للمبغوضيّة ليست مباينة لأصل الطبيعة حتّى في عالم الذهن ، فلا يمكن أن تكون مبغوضاً ويكون أصل الطبيعة محبوبة من دون تقييد.
وبعبارة اخرى : لو بقيت المحبوبيّة التي هي ملاك الصحّة في العبادة في المثال يلزم كون الشيء الواحد خارجاً وجهةً محبوباً ومبغوضاً وهو مستحيل ، وأمّا الصورة الثانيّة فالصحّة والفساد فيها يبتنيان على كفايّة تعدّد الجهة في تعدّد الأمر والنهي ولوازمها من القرب والبعد