كلّي الموضوع له اللفظ على فرد من أفراده لا من باب استعمال اللفظ الموضوع في خصوص ذلك الفرد حتّى يقاس باستعمال اللفظ الكلّي في خصوص أحد مصاديقه الحقيقيّة ويكون مجازاً.
وأمّا عن الثاني فبأنّ المدّعى في الأعلام الشخصيّة هو العينية لا التشبيه والاستعارة فيدّعى مثلاً إنّ زيداً في قولك « زيد حاتم » عين الحاتم الطائي المعروف فيكون من باب تطبيق معنى جزئي للموضوع له اللفظ على مصداق جزئي ادّعائي فاستعمل اللفظ حينئذ في معناه الموضوع له ( ولكن بضميمة ادّعاء العينية ) لا في غير الموضوع له حتّى يكون مجازاً.
أمّا المسلك الثالث فتوضيحه : إنّ الإرادة في استعمال الألفاظ على قسمين : إرادة استعماليّة وإرادة جدّية ، وهما تارةً تتّحدان واخرى تفترقان كما في الأوامر الامتحانيّة فإنّ الإرادة فيها إرادة استعماليّة فقط لم تتعلّق بمتعلّق الأمر جدّاً ، ومن موارد افتراقهما المجازات فإنّ الإرادة الاستعماليّة فيها تعلّقت على المعنى الحقيقي الموضوع له اللفظ وأمّا الإرادة الجدّية فتعلّقت على المعنى المجازي ، وكذلك في الكنايات نحو « زيد كثير الرماد » فاستعمل لفظ « زيد » و « كثير الرماد » في معناهما الموضوع له اللفظ وتعلّق به الإرادة الاستعماليّة ، وأمّا الإرادة الجدّيّة فتعلّقت ببيان سخاوة زيد ، وهذا تعبير آخر من أنّ المجاز في أمر عقلي وإنّ التطبيق على فرد ادّعائي.
أقول : إنّ هذا هو المختار والدليل عليه أوّلاً : أنّه مقتضى البداعة واللطافة المجازيّة فإنّ البداعة وجمال البيان يتحقّق فيما إذا استعمل اللفظ في معناه الحقيقي كما في قوله : « هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ـ والبيت يعرفه والحلّ والحرم » فإنّ حسن الكلام في هذا البيت مبني على كون نفس البيت أو الحرم عارفاً بمن هو المقصود فيه لا خصوص أهل البيت وأهل الحرم أو ربّ البيت وربّ الحرم ، وهذا لا يكون إلاّبعد ادّعاء وجود قوّة مدركة عاقلة للبيت والحرم وكذا في سائر المجازات.
وثانياً : أنّه أيضاً مقتضى القرابة الشديدة بين المجاز والكناية ، فإذا كان استعمال اللفظ في الكنايات في نفس الموضوع له فليكن كذلك في المجازات ، ولا إشكال ولا خلاف في أنّ اللفظ في الكنايات يستعمل في الموضوع له لأنّ الكناية عبارة عن ذكر اللازم وإرادة الملزوم ( أو بالعكس ) ، وتكون الإرادة الاستعماليّة فيها غير الإرادة الجدّية ، ففي مثال « زيد كثير الرماد »