فقد أخبر تعالى وهو الصادق المصدّق ، والحقّ المطلق ، بأنّه عالم بجميع الأشياء ، فعلمه إحاطيٌ حضوريّ ، يعلم جميع الأشياء ، كلّيها وجزئيّاتها.
كما لا يمكن أيضا قبول قول الشيخ الرئيس ابن سينا ، بإستحالة تعلّق علمه تعالى بالمفاهيم ، تمسّكا بأنّه لابدّ للمفاهيم من وجود خارجيّ أو ذهنيّ والكلّ محال كما نقله عنه في المجمع (١).
فإنّه يردّه أنّ هذه اللابدّية إنّما تكون في المخلوقين حيث يكون علمهم محدودا وعارضا عليهم ، فلا يتقوّم إلاّ بأن تكون المفاهيم موجودةً حتّى يتعلّق العلم بها بوجود خارجي أو ذهني .. لا في الخالق العليم الذي يكون علمه عين ذاته ، وعلمه بجميع الأشياء قبل حدوثها كعلمه بها بعد حدوثها ، كما يوضّحه الحديث التالي الذي رواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبداللّه عليهالسلام يقول :
«لم يزلِ اللّه عزوجل ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور.
فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم ، وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المُبصَر والقدرة على المقدور ...» (٢).
كما لا يمكن أصلاً قبول قول الجبرية بأنّ العلم بالمعصية يصير سببا لوقوعها بدعوى عدم تخلّف المعصية عن ذلك العلم ، لأنّه لو تخلّفت لتبدّل العلم جهلاً ، كما في البيت الشعري المنسوب إلى الخيّام ..
__________________
(١) مجمع البحرين : (ص٥٢٨).
(٢) اُصول الكافي : (ج١ ص١٠٧ باب صفات الذات ح١).