لكن أفاد بعد هذا المعنى ما نصّه :
«قد ورد في جملة من الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام الملك الغفّار ، أنّ إرادته عبارة عن إيجاده وإحداثه ، وأنّها من صفات الفعل الحادثة ، كالخالقيّة والرازقية ونحوها لا من صفات الذات بمعنى العلم بالأصلح» (١).
وبهذا يظهر عدم تماميّة قول المتكلّمين في الإرادة وتفسيرهم لها بأنّها هي : «العلم بالخير والنفع وما هو الأصلح».
فإنّ هذا المعنى يرجع إلى كون الإرادة هو العلم الذاتي ، وهذا خلاف ما يأتي من الأخبار في كون الإرادة محدَثة مع ما له من تالي فاسد القِدَم وتعدّد القدماء الذي ثبت بطلانه ، فلا يمكن قبول هذا المعنى في الإرادة.
والمُتَّبَع كلام أهل البيت الذين بهم النجاة ومنهم الهدى ، وفي طريقهم الصواب ، واللّه العاصم.
وعلى الجملة ؛ فالمستفاد من الأخبار الشريفة كون إرادة اللّه تعالى هي نفس فعله وإحداثه وإيجاده ، وهي الإرادة الحتميّة.
وتطلق أيضا على أمره بالطاعات ونهيه عن المعاصي ، وهي الإرادة العزميّة.
ولذلك أفاد العلاّمة الكازراني : «تحقيق المقام أنّ للّه تعالى إرادتين ، إرادة حتم وإرادة عزم.
فالحتمية هي ما لا يقدر العباد على ضدّ مراده ، وهي من صفات فعله يتّصف بها اللّه تعالى عند صدور كلّ فعل منه ، كالإماتة والإحياء والإمراض والشفاء.
والعزمية هي إتيانه تعالى بشيء من جملة مخلوقاته لمصلحة وحكمة ،
__________________
(١) حقّ اليقين : (ج١ ص٣٢).