موجودين فهما إثنان لا واحد ، وإن صارا معدومين وصارا وجها ثالثا فلا إتّحاد في البين ، بل هو إعدام شيء وإيجاد شيء آخر ، وإن عدم أحدهما وبقي الآخر لم يتحقّق اتّحاد لأنّ المعدوم لا يتّحد مع الموجود ، كما بيّنه الفاضل المقداد (١).
فالإتّحاد محال في نفسه ، فكيف يمكن إثباته في الخالق؟
فيبطل ما إدّعاه النصارى في حقّه تعالى اتّحاد الأقانيم الثلاثة : الأب والإبن وروح القدس ، واتّحاد ناسوت المسيح باللاهوت (٢).
كما يبطل ما ادّعته جماعة من المتصوّفة ، من الإتّحاد وأنّه إذا وصل العارف نهاية مراتبه انتفت هويّته ، وصار الموجود هو اللّه تعالى وحده وسُمّي هذه المرتبة عندهم بالفناء في التوحيد.
وقد ردّ عليهم ابن سينا في أكثر كتبه كما يستفاد من الإرشاد (٣).
كما وأنّ العلاّمة المجلسي جعل الإعتقاد بأي واحد من الحلول والإتّحاد من الكفر ، كما تلاحظه في كتاب الإعتقادات (٤).
كما وأنّ السيّد الفقيه الطباطبائي في العروة الوثقى (٥) حكم بنجاسة القائلين بوحدة الوجود من الصوفية مع العلم بالتزامهم بلوازم مذاهبهم من المفاسد ، وقرّره الفقهاء المحشّون على العروة.
هذا تمام الكلام في بحث التوحيد ، والحمد للّه الربّ المجيد.
__________________
(١) إرشاد الطالبين : (ص٢٣٨).
(٢) يعبّرون باللاهوت عن الاُلوهية ، وبالناسوت عن الطبيعة البشرية كما في الرائد : (ص١٢٧٠ و ١٤٦٧).
(٣) إرشاد الطالبين : (ص٢٣٨).
(٤) إعتقادات العلاّمة المجلسي : (ص٢٦).
(٥) العروة الوثقى : (الثامن من النجاسات المسألة٢).