مع أنّ نظام الدين لا يستغني عمّن يعرّف الإنسان صلاح دنياه وآخرته ، وينبّهه على ما فيه خيره ، ويحذّره عمّا فيه شرّه ، ويضمن له النفع في العاجل والسلامة في الآجل ، ويبيّن له آثار أعماله من الخير والشرّ ، ويرشده في مواضع التحيّر والشكّ ويُنير قلبه بالعلم والحكمة ، ويزكّيه في مرحلة التربية والتعليم ، ويحكي له أخبار النشأة الاُولى والاُخرى ليعرف مبدأه ومنتهاه ، ويسلك به إلى طريق إطاعة اللّه وإجتناب معصيته ، ويضع له الدستور الصحيح في حياته الفرديّة والإجتماعية ، ولا يليق بهذا المنصب الجليل إلاّ من يختاره اللّه ويصطفيه ، ويعلّمه ويزكّيه ، وهم رسله وأنبياؤه.
فيقضي العقل بضرورة بعثة الرسل والأنبياء ، ولزوم متابعة النبيين للإهتداء ، لأنّ الأنبياء اُسوة وقدوة ، وهم طرق السعادة والهداية ، وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة.
ثمّ إنّه بعد إثبات أصل النبوّة لنبدأ بدراسة نبوّة الأنبياء في بحثين :
الأوّل : مبحث النبوّة العامّة الثابتة لجميع الأنبياء الكرام من آدم إلى الخاتِم سلام اللّه عليهم.
الثاني : مبحث النبوّة الخاصّة الثابتة لنبي الإسلام وأشرف الأنام الرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.