ذلك من آدم قبل النبوّة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النار وإنّما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلمّا اجتباه اللّه تعالى وجعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال اللّه عزوجل : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (١) وقال عزوجل : (إِنَّ اللّه اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (٢).
فقال له المأمون : فما معنى قول اللّه عزوجل : (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) (٣)؟
فقال له الرضا عليهالسلام : إنّ حواء ولدت لآدم خمس مئة بطن ذكرا واُنثى وإنّ آدم عليهالسلام وحواء عاهدا اللّه عزوجل ودعواه وقالا : (لَئِنْ آتَيْتَنا صَالِحا لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحا) (٤) من النسل خلقا سويّا بريا من الزمانة والعاهة وكان ما آتاهما صنفين صنفا ذكرانا وصنفا اُناثا فجعل الصنفان للّه تعالى ذكره شركاء فيما آتاهما ولم يشكراه كشكر أبويهما له عزوجل ، قال اللّه تبارك وتعالى : (فَتَعَالَى اللّه عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٥).
فقال المأمون : أشهد أنّك ابن رسول اللّه حقّا ، فأخبرني عن قول اللّه عزوجل في حقّ إبراهيم عليهالسلام : «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبا قَالَ هَذَا
__________________
(١) سورة طه : (الآيتان ١٢١ و ١٢٢).
(٢) سورة آل عمران : (الآية ٣٣).
(٣) سورة الأعراف : (الآية ١٩٠).
(٤ و ٥) سورة الأعراف : (الآيتان ١٨٩ و ١٩٠).