قلت : لا.
قال : فهذا موسى كليم اللّه مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه إختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلاً ممّن لم يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال اللّه عزوجل : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا) (١) الآية ، فلمّا وجدنا إختيار من قد إصطفاه اللّه للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا إختيار لمن لا يعلم ما تخفي الصدور ، وما تكنّ الضمائر ، وتنصرف عنه السرائر ، وأن لا خطر لإختيار المهاجرين والأنصار ، بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح» (٢).
وأمّا العقل :
فإنّه حاكم بالبداهة بلزوم كون إختيار منصب خطير كالنبوّة من قبل اللّه الخبير العلاّم المحيط بكلّ شيء حتّى لا يعقب الظلم والفساد ، أو يحصل أمر خلاف السداد.
ومن المعلوم أنّ خبرويّة اللّه تعالى لا يدانيها خبرويّة أحد ، حتّى يمكن لأحد سدّ المسدّ ، فينحصر به الإختيار ويكون من خصوصه الإرسال.
مع أنّ نفس مقتضى الرساليّة هو أن يكون تعيين الرسول بيد المرسل ، إذ لا معنى لأن يكون النبي رسولاً لأحد بإرسال غيره.
__________________
(١) سورة الأعراف : (الآية ١٥٥).
(٢) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٦٨ ب٣ ح٣).