لا يمكن من اللّه الحكيم في تدبيره ، ولا من الرسول الرؤوف باُمّته أن يكون أهمل الخلافة بعده.
ومن الحوار اللطيف أنّه سأل أبو الحسن الرّفا من ابن رامين الفقيه ـ وكلاهما من علماء العامّة ـ أنّه : لمّا خرج النبي صلىاللهعليهوآله من المدينة ما استخلف عليها أحدا؟
قال : بلى إستخلف عليّا.
قال : وكيف لم يقل لأهل المدينة اختاروا فانّكم لا تجتمعون على الضلال!
قال : خاف عليهم الخلف والفتنة.
قال : فلو وقع بينهم فساد لأصلحه عند عودته.
قال : هذا أوثق.
قال : فاستخلف أحدا بعد موته؟
قال : لا.
قال : فموته أعظم من سفره ، فكيف أمن على الاُمّة بعد موته ما خافه في سفره وهو حي عليهم؟ فقطعه (١).
البشر ليس بقادر على التشخيص المصيب لمن هو اللائق لهذا المنصب العظيم ..
ويشهد لذلك عدم قدرتهم على نصب اللائق من جميع الجهات في الاُمور الدنيوية ، والمناصب الموقتة اليسيرة ، فكيف يمكنهم التصدّي لذلك المنصب الديني الدائمي الحسّاس؟
وكم رأينا أهل العقل والتدبير اتّفقوا على تعيين شخص لإنجاز أمرٍ تبيّن لهم بعد ذلك خطأهم في تعيينه فغيّروه وبدّلوه.
بل الأعاظم الكُمّلين لا يمكن أن يكون إختيارهم كخيرة اللّه تعالى .. ألا
__________________
(١) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٧٥) نقلاً عن كتاب المناقب لابن شهر آشوب.