ترى أنّ النبي موسى عليهالسلام مع جلالة قدره وعزيميّة رسالته إختار من قومه لميقات ربّه سبعين رجلاً ، ثمّ قالوا له : أرِنا اللّه جهرةً.
ولو سلّمنا قدرتهم على إنتخاب اللائق ، لكن الاُمّة لا تتّفق في الإختيار لزعم كلّ جماعة منهم أنّ هذا هو الأصلح دون ذاك ، فلا يتسنّى لهم إتّفاق الآراء مع إختلاف الأهواء.
فكيف يمكن تفويض إختيار الإمام إليهم ، ألا يؤدّي ذلك إلى التشاجر والتنافر المنتهي إلى الفتنة والفساد؟!
ثمّ إنّ الإمامة كما تقدّم هي منصب إلهي يكون بجعل اللّه وتشريعه ، كالرسالة ، وليست إعتبارا عرفيّا أو عقلائيا حتّى يجعلها العرف والعقلاء ، كما وأنّها ليست مرتبة علميّة مجرّدة حتّى يحوزها العلماء ، فلابدّ أن ينتهي تعيينها إلى من له التشريع فيقلّدها من اصطفاه من خُلّص عباده الصالحين ، وأوليائه المقرّبين.
ثمّ إنّ نفس مقتضى منصب الخلافة والوصاية والولاية في الإمام هو أن يكون بجعل اللّه تعالى ، إذ لا تتحقّق الخلافة بدون إستخلاف ، ولا تكون الوصاية بدون إيصاء ، ولا تكون الولاية بدون التولية .. ولا معنى أن يكون أحد خليفة لشخص مع إستخلافه من قِبَل الآخرين.
وحيث كانت الرسالة من اللّه فلا يصحّ أن تكون خلافتها ووصايتها والتولّي عنها إلاّ من قِبَل اللّه تعالى ..
على أنّه بالإضافة إلى ذلك يدلّ على كون تعيين الإمام بيد اللّه تعالى : الكتاب والسنّة والعقل.