من الناس لأبي بكر بالقهر والغلبة ، والسوط والسيف .. مع تهديد «من لم يبايع ضربت عنقه» فهل هذا هو الإجماع؟!
الثامن : أنّه حتّى نفس شيخ السقيفة الذي حمل السيف وأخذ البيعة إعترف بعدم الإجماع في بيعة أبي بكر ووقوعها فلتة (١) ، في قوله : «كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه المسلمين شرّها ، فمن عاد لمثلها فاقتلوه» ، كما اعترف به جمع من أكابرهم كالبخاري في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والطبري في تاريخه ، وابن الأثير في كامله ، وابن هشام في سيرته ، وابن أبي الحديد في شرحه (٢).
فالحقيقة المكشوفة أنّ شيخ السقيفة وأعوانه هم الذين عيّنوا في مقابل اللّه خليفةً لرسول اللّه وجعلوا الخلافة فيمن اعترف هو بنفسه بعدم لياقته في قوله : «أقيلوني ، أقيلوني لست بخيركم وعليّ فيكم» كما صرّح بكلامه هذا ابن حجر في الصواعق ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، والطبري في الرياض ، والمتّقي في الكنز (٣).
وعلى الجملة ؛ لم يكن أي دليل ولو بعنوان جزئي على أدنى إستحقاق في تصدّي الخلافة ممّن تصدّاها ظلما.
مضافا إلى أنّه لا مجال لها أساسا بصريح قوله تعالى : «لاَ يَنَالُ عَهْدِي
__________________
(١) الفلتة : هي الأمر الفجأة من غير تدبّر ولا رويّة.
(٢) صحيح البخاري : (ج١٠ ص٤٤) ، ومسند أحمد : (ج١ ص٥٥) ، وتاريخ الطبري : (ج٣ ص٢٠٠) ، وتاريخ ابن الأثير : (ج٢ ص١٣٥) ، وسيرة ابن هشام : (ج٤ ص٣٣٨) ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : (ج٢ ص٢٦).
(٣) الصواعق المحرقة : (ص٣٠) ، والإمامة والسياسة : (ص١٤) ، والرياض النضرة : (ج١ ص١٧٥) ، وكنز العمّال : (ج٣ ص١٣٢).