فالعين مثلاً التي هي من أدقّ الوسائل لرؤية الأعيان بما أنّها خِلقةٌ مادّية نشاهد بها المادّيات فقط ، بل لا يمكننا أن نشاهد بها حتّى بعض المادّيات ، كالاُمور اللطيفة مثل الهواء ، فكيف يمكن مشاهدة خالق المادّيات؟
وهناك بيان لطيف في أحاديث أهل بيت العصمة عليهمالسلام في بيان إبطال رؤية اللّه تعالى ، وعدم إمكانها نظير :
١ ـ ما رواه أحمد بن إسحاق قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث [الإمام الهادي] عليهالسلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس ، فكتب :
«لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر ، فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصحّ الرؤية وكان في ذلك الاشتباه ؛ لأنّ الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه ، لأنّ الأسباب لابدّ من اتّصالها بالمسبّبات» (١).
٢ ـ هشام بن الحكم قال :
«الأشياء [كلّها] لا تُدرك إلاّ بأمرين : بالحواسّ والقلب ؛ والحواسّ إدراكها على ثلاثة معانٍ : إدراكا بالمداخلة ، وإدراكا بالمماسّة ، وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسّة.
فأمّا الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم.
وأمّا الإدراك بالمماسّة فمعرفة الأشكال من التربيع والتثليث ومعرفة الليّن والخشن والحرّ والبرد.
وأمّا الإدراك بلا مماسّة ولا مداخلة فالبصر فإنّه يدرك الأشياء بلا
__________________
(١) اُصول الكافي : (ج١ ص٩٧ باب إبطال الرؤية ح٤).