وترى الإنسان ـ وهو أشرف المخلوقات السالك بنفسه في مرامي علم الكائنات ، والمبتكر لعظيم المصنوعات ـ لم يتوصّل إلى معرفة حقيقة روحه هو ، بينما هو مشتمل عليها وعائش ببركتها ومتقارن في حياته دائما مع وجودها .. بأقرب تقارن وأمسّ إرتباط.
فإذا كان عاجزا عن معرفة روحه المنطوية معه ، فما بالك بمعرفة خالق الأرواح الذي هو فوق إدراكه.
إنّا لا نملك إلاّ الإعتراف بالعجز عن معرفة ذاته المقدّسة بحكومة العقل وشهادة الوجدان.
وحين لم يمكننا ولن نتمكّن من معرفة ذاته ، فلابدّ على صعيد معرفة اللّه من معرفة صفاته ومعالي أوصافه وعظيم خلقه وباهر صنعته.
وحتّى في نفس الصفات لا نتمكّن من معرفة كنهها خصوصا الصفات التي هي عين ذاته ، كعلمه وقدرته وحياته و ...
فتكون معرفتنا لها بالمقدور المستطاع وبقدر إدراك البصائر ، وبالمقدار الذي بيّنه هو تعالى في كتابه الباهر ، وأبان عنه على لسان نبيّه وأوصيائه المعصومين سلام اللّه عليهم أجمعين.
فاللّه تعالى هو العالم بذاته وصفاته ، لذلك يلزم علينا أن نستمدّ منه المعرفة بنعوته وأوصافه.
وقد ورد الحديث العلوي الشريف المتقدّم :
«اعرفوا اللّه باللّه ...» (١).
وفي خطبته المباركة :
__________________
(١) اُصول الكافي : (ج١ ص٨٥ باب أنّه لا يعرف إلاّ به ح١).