ففعلوا ذلك ، فلما أخذوا أسلحتهم ودوابهم وضعوا السيوف فيهم وقتلوهم عن آخرهم وأخذوا أموالهم ودوابهم ونساءهم.
وفي اليوم الرابع نادوا في البلد أن يخرج أهله جميعهم ومن تأخر قتلوه فخرج جميع الرجال والنساء والصبيان ففعلوا مع أهل سمرقند مثل فعلهم مع أهل بخارى من النهب والقتل والسبي والفساد ودخلوا البلد فنهبوا ما فيه ، وأحرقوا الجامع وتركوا باقي البلد على حاله ، وافتضوا الأبكار وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المال وقتلوا من لم يصلح للسبي وكان ذلك في المحرم سنة ٦١٧ ه ١٢٢٠ م (١).
إن أمثال هذه الأعمال لا تزال مشهورة عن المغول ومدونة في منشوراتهم للتهديد ، فعلوها باتفاق من عامة المؤرخين. وإليك أيها القارىء ما قصه ابن العبري (٢) قال :
وفيها (سنة ٦١٧ ه ١٢٢٠ م) في ربيع الأول نزل جنگيزخان على مدينة سمرقند وكان قد رتب السلطان محمد فيها مائة ألف وعشرة آلاف فارس يقومون بحراستها. فلما نازلها منع أصحابه عن المقاتلة وأنفذ سنتاي نوين ومعه ثلاثين ألف محارب في أثر السلطان محمد ، وغلاة نوين وبسور نوين إلى جانب طالقان ، وأحاط باقي العسكر بالمدينة وقت السحر فبرز إليهم مبارزو الخوارزمية ونازعوهم القتال ، وجرحوا جماعة كثيرة من التاتار ، وأسروا جماعة وأدخلوهم المدينة فلما كان من الغد ركب جنگيزخان بنفسه ودار على العسكر وحثهم على القتال ، فاشتد القتال ذلك اليوم بينهم ودام النهار كله من أوله إلى أول الليل ووقف الأبطال من المغول على أبواب المدينة ولم يمكنوا أحدا من المجاهدين من الخروج فحصل عند الخوارزمية فتور كثير ، ووقع الخلف بين أكابر
__________________
(١) ابن الأثير.
(٢) ص ٤٠٨.