خلفه وداروا عليه دائرة وراء دائرة وهو في الوسط وبالغ المغول في المكاوحة وتقدم (١) الأقمشة الحريرية. أو النفائس الأخرى «لغة الجغطاي ص ١١٦». جنگيزخان أن يقبض حيا ووصل جغاتاي وأوكتاي أيضا من جانب خوارزم. فلما رأى جلال الدين حراجة الموقف حمل عليهم حملات وشق صفوفهم مرة بعد مرة وطال الأمر بذلك وأبدى من البطولة والشهامة ما لا يوصف ...
وعند ما رأى التضييق عليه وأن لا نجاة بهذا الديدن همّ بالعبور وأقحم فرسه النهر بعد أن ودع أولاده وخواصه فانقحم وعام وخلص إلى الساحل وجنگيزخان وأصحابه ينظرون إليه ويتأملونه حيارى ...
فتعجب جنگيزخان من ذلك وقال لولديه : من مثل أبيه ينبغي أن يلد ابنا مثله فإذا نجا من هذه الوقعة جرت على يديه وقائع كثيرة ، ومن كلامه : لا يغفل من يعقل. وأراد جماعة من البهادرية أن يتبعوه فمنعهم جنگيزخان قائلا إنكم لستم من رجاله. وذلك لأنه كان يرامي المغول بالسهام وهو في وسط الشط وحينئذ أمر جنگيزخان بقتل جميع الذكور من أولاده. وكان ذلك قد حدث في شهر رجب ولذا قيل في المثل ، عش رجبا تر عجبا (١). وقال أبو الفداء إنه غرق أهله كما مر ذلك عند الكلام على جلال الدين ... وإنما ذكرناها هنا وبنص آخر لاطراد وقائع جنگيز ...
وفي سنة ٦٢٤ ه ١٢٢٧ م قفل جنگيزخان من الممالك الغربية إلى منازله القديمة الشرقية. ثم رحل من هناك إلى بلاد تنكوت (تنغوت) (وهي بلاد شرقي التبت وغربي نهر الصين المسمى (هو) أي النهر الأصفر وهنالك عرض له مرض من عفونة الهواء الوخيم.
__________________
(١) تاريخ ابن العبري ص ٤١٢ وشجرة الترك.