وشغلهم أياما بالوعد والوعيد والتأميل والتهديد إلى أن اجتمعت العساكر ورتب آلات الحرب من منجنيق وما يرمى بها فأنشبوا الحرب والقتال على المدينة من جميع جوانبها حتى عجز من فيها عن المقاومة فملكوها بعد قتل ونهب وأسر ...
وفي أوائل سنة ٦١٨ ه ١٢٢١ م عبر جنگيزخان نهر جيحون وقصد مدينة بلخ فخرج إليه أعيانها وبذلوا الطاعة وحملوا الهدايا وأنواعا من (الترغو) (١) فلم يقبل منهم بسبب أن السلطان جلال الدين كان في تلك النواحي يهيئ أسباب الحرب ويستعد للقتال. ولذا أمر بخروج أهل بلخ فقتل فيهم أكثر الأهلين وأسر ...
ومن هناك توجه نحو الطالقان وفعل بأهليها مثل ما فعل بأولئك وأبقى البعض ومنها سار إلى باميان فعصى أهلوها وقاتلوا قتالا شديدا واتفق أن أصيب بعض أولاد جغاتاي بسهم فقضى نحبه ، وكان من احب أحفاد جنگيزخان إليه فعظمت المصيبة بذلك واضطرمت النيران في قلوب المغول وجدوا في القتال إلى أن فتحوها وقتلوا كل من فيها حتى الدواب والبقر والأجنة ولم يأسروا منها أحدا قط وتركوها أرضا قفرا ، لم يسكنها أحد اليوم (كذا قال ابن العبري) وسموها ما وباليغ أي مدينة البؤس.
ولما فرغ جنگيزخان من تخريب بلاد خراسان سمع أن السلطان جلال الدين قد استظهر بالعراق فسار نحوه ليلا ونهارا بحيث إن المغول لم يتمكنوا من طبخ لحم إذا نزلوا فحين وصلوا إلى غزنة أخبروا بأن جلال الدين قد رحل عنها منذ خمسة عشر يوما وهو عازم على أن يعبر نهر السند فلم يستقر جنگيزخان ورحل في الحال وحمل على نفسه بالسير حتى لحقه في اطراف السند فأحاط به العسكر من قدامه ومن
__________________
(١) الأقمشة الحريرية. أو النفائس الأخرى «لغة الجغطاي ص ١١٦».