لا خوف من المستقبل. لأن بيني وبين هلاكوخان وأخيه منگو قاآن روابط ودية ومحبة صميمة لا عداوة ونفرة. وحيث إني أحبهم فلا شك أنهم يحبونني ويميلون إلي وأحسب أن الرسل قد بلغوني عنهم كذبا.
وإذا ظهر خلاف فلا خشية منه. لأن كل الملوك والسلاطين على وجه الأرض بمنزلة جنود لنا فهم مطيعون ومنقادون فلا خوف من تهديد المغول ووعيدهم ولو أنهم ممتعون بقوة وشوكة ... فهم بالنسبة للعباسيين لا أهمية لهم ...
فاضطرب الوزير من هذه الكلمات وأيقن بالوبال عليهم وعلى الخلافة. وكان يرى انقراض الخلافة وسقوط العباسيين في وزارته صعبا عليه وهو يراه مجسما في ذهنه ومخيلته وكان يتألم جدا من هذه الأحوال فهو كالملدوغ فلم يدخر وسعا من السير الحثيث والتدبير الصائب لسلامة هذه العائلة (١) ...
وكان أعاظم بغداد كسليمان شاه بن برجم وفتح الدين ابن كره ومجاهد الدين الدواتدار الصغير ... قد اجتمعوا عند الوزير وفتحوا ألسنتهم بالطعن على الخليفة ، وقالوا إنه مولع بالمطربين ومنهمك باللهو ويبغض العسكريين وأمراء الجيش ...
قال سليمان شاه : إن الخليفة إذا لم يقدم على دفع العدو ولم يبادر إلى رتق الخلل فلا يؤمل أن يجلب خواطر الناس إليه ، وعما قريب نرى الجيش المغولي مسلطا على بغداد لا يرحم احدا كما فعل بسائر البلاد وفتك بأهلها وهتك الحرمات وتجاوز على عصمة المخدرات ... ولما لم يستول المغول على كافة المواطن فإننا نتمكن من مهاجمتهم ليلا ومداهمتهم على حين غرة خصوصا أنهم لم يضيقوا علينا بعد ولم
__________________
(١) جامع التواريخ.