ولم يكن هو (١) القاآن أي الملك الأعظم للمغول كما تقدم وإنما أرسله أخوه منكو قاآن لاكتساح ايران وبلاد الملاحدة والعراق وسورية ... إلا أنه كان مستقلا في إدارته كما أن أخاه ليس له الأمل أن يكون هلاكو تحت ادارته وإنما غرضه ان يستقل ...
والحق أنه بالنظر لما مر من الحوادث لم يقبل بالظلم والتعدي ، ولم يغمض عينا أو يتهاون لأحد في سوء الادارة ولا رضي باختلاس ... ومن أهم ما يذكر عنه أنه ساوى بين العناصر وراعى الحرية لكل دين ومذهب في تقاليده ومراسمه ولم يطلب من أحد سوى الصدق والاخلاص والعقل القويم ... وبعدها جعل الحرية في أن يعتقد كلّ بما شاء ورغب ، يضاف إلى ذلك أنه حافظ على مؤسسات كل طائفة وموقوفاتها وراعى ما أرصدت لأجله ...
وفي تاريخ دول الأعيان شرح قصيدة نظم الجمان في ذكر من سلف من أهل الأزمان للعلّامة الأثري المؤرخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر المقدسي الشافعي الشهير بابن أبي عذيبة (٢) ما نصه :
__________________
(١) القاآن عند المغول أعظم الملوك أو ما يقال له عندنا ـ سلطان السلاطين ـ امبراطور ـ ودونه ـ الخاقان ـ وأقل سلطة منه ـ الخان ـ ثم ـ بكر ليكي ـ بمعنى أمير الأمراء ثم ـ بك ـ أي أمير.
(٢) كان قد ذكره الأديب الفاضل الشيخ كاظم الدجيلي في المجلد ٢٨ من مجلة الهلال صحيفة ٦١٧ ووصف تاريخه وصفا كافيا بعنوان (تاريخ ابن أبي عدسة) ونقل الترجمة المذكورة على ظهر الكتاب من تاريخ أنس الجليل في أخبار القدس والخليل. ثم تعقب البحث الأستاذ عيسى المعلوف وبين أنه وقف على نسخة من التاريخ في مكتبة (آل الحسيني) في دمشق ، ورجح أن الأرجوزة التي شرحها المؤرخ للشيخ عبد الرحمن بن علي بن أحمد البسطاحي الحنفي المتوفى سنة ٨٤٣ ه.
ثم إن الأستاذ عبد الله مخلص صحح اسم المؤرخ بأنه ابن أبي عذيبة كما جاء في الهلال في المجلد ٣٠ ص ٨٦٢ فكان لتحقيقه قيمته العلمية ونبه إلى أن للمؤلف (كتاب قصص الأنبياء) عليهم السلام. وأقول : قد ذكرت عنه بعض الملاحظات في صحيفة ٢٧٩ من هذا الكتاب وترجمه صاحب الضوء اللامع قال ويعرف بابن أبي عذيبة. ولد سنة ٨١٩ ه ببيت المقدس وتوفي سنة ٨٥٦ ه وترجمته مبسوطة هناك ، وقال : «ولع بالتاريخ وجمع من ذلك جملة لكنه تتبع مساوي الناس فتفرق لذلك بعده ولم يظفر مما كتبه بطائل مع ما فيه من فوائد وإن كان ليس بالمتقن ، وجمع لنفسه معجما وقفت على جلد بخطه وفيه أوهام كثيرة جدا ، ومجازفات تفوق الحد بل من أجل ما سلكه كان القدح فيه بين كثيرن» ا ه .. وكان لقي ابن قاضي شهبة فاستمد منه وانتفع بتاريخه وتراجمه وأذن له بالتاريخ وقال له أنت حافظ هذه البلاد بل وغيرها ..
وبهذا زال الشك عنه وعرفت ترجمته ، ومن اراد التفصيل فليرجع إلى الضوء اللامع.