ولا نرى فائدة في النقل عن مؤرخين كثيرين فتكاد الأقوال تتفق في الاعجاب مما قام به مما لم يتيسر لفاتحين كثيرين ... ولم يعترضه في طريقه إلا معاداة بركة خان (١) ابن جوجي بن جنگيز فإنه ناصبه الحرب وصارحه القتال وكان ملك (قبجاق) وأراد أن يذل هلاكو لما قام به من القسوة في المسلمين وفي الخليفة دون عقد شورى فجهز جيشا عظيما لمقارعته وفي شوال سنة ٦٦٠ ه تقاتلا فانتصر هلاكو عليه ، وأرسل ابنه ابقاخان بجيش قوي عليه وتأهب هو أيضا للمرة الثانية فالتقى الجمعان فتغلب بركةخان (٢) على عدوه وولى الأدبار في جمادى الأولى سنة ٦٦١ ه ، وكذلك وقعة (عين جالوت) أثرت على الوضع وضعضعت من القوة ... ما دعا أن تتوقف الفتوح ويفتر العزم بل تخور القوى فلم تتحقق الأماني والاتفاقات مع الصليبيين ...
ولولا أن الخوف لا يزال مستوليا على النفوس لهاجت عليه البلاد من كل صوب ... ولكنه لم يخل من الحساب للأمر ، يقال إنه السبب الوحيد لوفاته ... قال ابن أبي عذيبة المذكور :
__________________
(١ و ٢) تعليق ـ بركةخان صحيح لفظه (بركاي) ويعني السوط والعصا. ويقال إنه أول من خرم قواعد جنگز (الياسا) ولما اسلم تفاءل المسلمون باسمه وحولوه إلى بركة خان. حكم القفجاق والقرم ، وله حروب بلغ بها استانبول ، وأخرى كانت مع هلاكو وفي سنة ٦٦٣ ه حارب أبا قاخان. مرض في قفقاسية فمات ..
وجاء في صحيفة ٣٣٧ من هذا التاريخ أنه أول مسلم من ملوك المغول يعزى إسلامه إلى عظيم مشهور من ترك قفجاق يسمى (بابر) سعى سعيا بليغا حتى تمكن منه وحارب هلاكو حروبا عظيمة ، وكان يأتلف مع الخوارزميين ، وبذل جهودا كبيرة لنشر الإسلامية بين أقوام المغول ولما أسلم بركه مال أكثر لحماية الإسلامية ...