«ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي انعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه» ، إن لله تعالى ألطافا خفية ترى في أول الأمر خشنة جفية ، ويحسب الجاهل أنها نقمة ، فإن انتهت عرف كل احداثها نعمة ، ومعنى هذا الكلام ، لا يخفى على الخاص والعام ، وذلك فضل الله في إيراد كل امر وإصداره ، وقد اردنا أن نوضح من أول الأمر إلى آخره كيفية الحال جليا ، ونتلو عليكم آيات رحمته التي انزلها علينا بفضله بكرة وعشيّا ، فألهمنا الله العظيم قوله الكريم (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ ...) فهذه الآية قضية امورنا التي جرت ، وعنه الحال أسفرت ، فكأنما انزلت في هذا الشأن ، فما احتجنا معها إلى زيادة تفصيل وبرهان ، وفي الساعة التي قدم الكذاب المزور بين يدي الامراء ظهر من فلتات لسانه أنه كذب وافترى ، فما احتجنا في تكذيبه إلى شاهد يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمون :
وهبني قلت هذا الصبح ليل |
|
أيعمى العالمون عن الضياء؟ |
فلما عرضوا كلامه على الآراء الشريفة برز التقدم المطاع لا زال نافذا بعرضه على السيف على ملأ من الناس وأنفذوا يديه إلى بغداد وإلى الروم الرأس ، ونادوا في الأسواق هذا جزاء من يقدم على عبيدنا المخلصين بالزور والالتباس ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
وحيث نعرف التفات قلوب أهل بغداد حفظهم الله من كل سوء وفساد أنفذنا الأمير محمدا يبشر بطيبة نفوسنا ليعلموا خلو بالنا من كل ما يكدر بواطنهم ويشوش خواطرهم ويعلم أن كل ما يصل من خير وفضل هو بصالح دعاء أهل بغداد وحسن نيتهم وصفاء قلوبهم فليقابلوا هذه المراحم بإعلان الدعوات الصالحات لهذه الدولة القاهرة التي ما اندحض فيها حق ولا غلب فيها باطل ونحن واصلون عقيب هذا إن شاء الله». انتهى.