جاز لكم تركه والاشتغال بغيره فقال أحد المدرسين : السلطان ظل الله في أرضه وطاعته وتعظيمه والانقياد له واجب في الشرع. فدخل (خزانة الكتب) ولمحها. ثم عاد إلى الدار المذكورة فبات بها هذا ما ذكره الفوطي.
وفي الدرر الكامنة : ولما دخل غازان بغداد ... حضر المستنصرية واجتمع الناس لتلقيه وحضر الشيخ زين الدين العابر وهو علي بن أحمد ابن يوسف بن الخضر الآمدي الحنبلي فأمر غازان من معه أن يدخلوا المدرسة واحدا واحدا كل منهم يوهم الشيخ زين الدين أنه غازان امتحانا له (وكان أضر) فجعل الناس كلما وصل أمير يزهزهون له ويعظمونه ويأتون به إلى زين الدين ليسلم عليه فيرد عليه السلام ولا يتحرك حتى جاء غازان فلما سلم عليه وصافحه نهض له قائما وقبل يده وأعظم ملتقاه وبالغ في الدعاء له بالمغلي ثم بالتركي ثم بالفارسي ثم بالرومي ثم بالعربي ورفع صوته فأعجب غازان به وخلع عليه في الحال وأمر له بمال ورتب له في كل شهر ثلاثمائة وحظي عنده وعند من يليه ولم يزل على حاله حتى مات ببغداد سنة بضع عشرة وسبعمائة. وكان مقرئا ببغداد وغيرها وصنف التبصير في التعبير وتعاليق في الفقه وتعانى تعبير المنامات وكان هو يرى المنامات الصائبة وكان يتاجر في الكتب وأضر فلم يكن يخفى عليه منها شيء وكان لا يفارق الاشغال والاشتغال وللناس عليه قبول ... أخذ عن عبد الصمد بن أبي الجيش المقري ببغداد وعن غيره ويعرف بزين الدين العابر (١).
وقد أورد ابن الطقطقي هذه الوقعة وبين أنها كانت سنة ٦٩٨ ه قال :
لما ورد السلطان إلى بغداد في هذه السنة دخل المستنصرية لمشاهدتها والتفرج فيها وكان قبل وروده إليها قد زينت ، وجلس
__________________
(١) الدرر الكامنة ج ٣ ص ٢١.