على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وقالوا لا سمع ولا طاعة وأتوا المسجد الجامع يوم الجمعة في السلاح ، وبه رسول السلطان فلما صعد الخطيب المنبر قالوا له وهم نحو اثني عشر ألفا في سلاحهم وهم حماة بغداد والمشار إليهم فيها فحلفوا له أنه إن غير الخطبة المعتادة أو زاد فيها أو نقص منها فإنهم قاتلوه وقاتلو رسول الملك ومستسلمون بعد ذلك لما شاء الله.
وكان السلطان أمر بأن تسقط اسماء الخلفاء وسائر الصحابة من الخطبة ولا يذكر إلا اسم علي ومن تبعه كعمار رضي الله عنهم فخاف الخطيب من القتل وخطب الخطبة المعتادة.
وفعل أهل شيراز واصفهان كفعل أهل بغداد فرجعت الرسل إلى الملك فأخبروه بما جرى في ذلك فأمر أن يؤتى بقضاة المدن الثلاث فكان أول من أتي به منهم القاضي مجد الدين قاضي شيراز والسلطان إذ ذاك في موضع يعرف بقراباغ وهو موضع مصيفه فلما وصل القاضي أمر أن يرمى به إلى الكلاب التي عنده وهي كلاب ضخام في أعناقها السلاسل معدة لأكل بني آدم فإذا أتي بمن يسلط عليه الكلاب جعل في رحبة كبيرة مطلقا غير مقيد ثم بعثت تلك الكلاب عليه فيفر أمامها ولا مفر له فتدركه فتمزقه وتأكل لحمه. فلما ارسلت الكلاب على القاضي مجد الدين ووصلت إليه بصبصت إليه وحركت اذنابها بين يديه ولم تهجم عليه بشيء فبلغ ذلك السلطان فخرج من داره حافي القدمين فأكب على رجلي القاضي يقبلهما وأخذ بيده وخلع عليه جميع ما كان عليه من الثياب وهي أعظم كرامات السلطان عندهم وإذا خلع ثيابه كذلك على أحد كانت شرفا له ولبنيه وأعقابه يتوارثونه ما دامت تلك الثياب أو شيء منها وأعظمها في ذلك السراويل. ولما خلع السلطان ثيابه على القاضي مجد الدين أخذ بيده وأدخله إلى داره وأمر نساءه بتعظيمه والتبرك به ورجع السلطان عن مذهب الرفض وكتب إلى بلاده