بأخذ الإقطاعين بالشام والعراق وتصل إليه الرسل من الفريقين وخلعهما وإنعامهما وهو مقيم بالبرية يتنقل إلى شط الفرات من منازله لا يصل إلى إحدى الفئتين. وهذا أمر لم يعهد مثله ولا جرى نظيره فإن كلّا من الطائفتين لو اطلعوا على أنه يكتب إلى الطائفة الأخرى سطرا قتلوه لساعته ولا يمهلونه ساعة ووافق مهنا في ذلك سعادة خارقة (١).
وقد ذكر ابن بطوطة عن أمراء العرب في طريق الحج بين العراق ومكة المكرمة أنه كان أمير الحج يخشى العربان فلما قرب منهم صار على أهبة من الحرب وصادفوا في هذه الأثناء فياضا وحيارا ابني الأمير مهنا بن عيسى المذكور ومعهما من خيل العرب ورجالهم من لا يحصون كثرة فظهر منهما المحافظة على الحاج والرحال والحوطة لهم وأتى العرب بالجمال وانضم فاشترى منهم الناس ما قدروا عليه ... قال ثم رحلنا ونزلنا بالموضع المعروف بالأجفر (٢) ...
وفي ابن الوردي أن مهنا المذكور توفي (٣) سنة ٧٣٥ وكان قد أناف على الثمانين فأقيم له مأتم ولبس عليه السواد وله معروف من ذلك مارستان جيد بسرمين ولقد أحسن برجوعه إلى طاعة السلطان قبل وفاته. وكانت وفاته بالقرب من سلمية ا ه. وهو من آل فضل أمراء قبيلة طيىء (٤) وفي صبح الأعشى أنهم تشعبوا شعبا كثيرة منهم آل عيسى وآل فرج وآل سميط وآل مسلم وآل علي. ومن المشهورين من أولاد مهنا غير من ذكرنا نعير بن حيار بن مهنا المتوفى سنة ٨٠٨ ه وله ابن اسمه عجل بن نعير توفي سنة ٨١٦ ه (٥).
__________________
(١) تاريخ أبي الفداء ج ٤ ص ٧٣.
(٢) رحلة ابن بطوطة ص ١٠٣.
(٣) في الشذرات توفي في ذي القعدة من هذه السنة ومثله في ابن خلدون.
(٤) الدر المكنون في المآثر الماضية من القرون حوادث سنة ٧٣٥ ومثله في ابن خلدون ج ٥ ص ٦.
(٥) أعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء ج ٢ ص ٥٢٧.