في سائر بلاده من أراد الحج إلى بيت الله الحرام فليبادر واجتمع خلق عظيم من ديار بكر وسائر الأقاليم قاصدين الحج وأن مهنا لما بلغه ذلك ركب وأقام لهم على الطريق فوجد السلطان من ذلك أمرا عظيما وتحقق أن مهنا متى وقع على ركب العراق أخذه فتقع العداوة بينه وبين الملك أبي سعيد ويفسد الحال المنتظم بينهما ويؤول الأمر إلى تعب عظيم ثم أرسل وراء سيف بن فضل بن عيسى وأمره ان يحضر سريعا وكان يعلم أن مهنا يحب سيفا بن أخيه محبة عظيمة وخشي أن يطلب من أولاد مهنا فياض أو سليمان ولا يجيبه فطلب سيفا فلما حضر إليه قال له يا سيف قل لوالدك فضل أن يتحيل على مهنا بكل حيلة وتكون أنت تمشي بينهما إلى أن يرجع مهنا عن التعرض لركب العراق فإني قد أعطيت لهم عهودا فوثقوا مني وأخشى أن يفسد عليّ مهنا جميع ما فعلته وأنا ما عملت أباك أميرا على العرب إلا أن يمنع مهنا وأولاده من التعرض إلى بلادي فلو عرفت أن أباك يتفق مع مهنا لما كنت أبعدت مهنا مني فاركب إليه وعرفه أنه متى لم يرجع مهنا عن ركب العراق فلا حاجة لي بأحد منكم وأكد عليه الوصية وفارقه إلى أن وصل إلى أبيه وعرفه ما قال له السلطان فقال له أبوه والله يا سيف هذه قضية صعبة وما يصلحها أحد غيرك أنت وأخوك قال وكيف قال تركب إلى مهنا وتسأله أن لا يفعل شيئا مما قصده ولا تقل إنك سمعت شيئا من السلطان فإذا رأيته وقد قوي عزمه على ما قصده من التعرض إلى الركب العراقي أقم عنده وأمسك ذيله وقل له إن أبي قد أمرني بالدخول عليك في هذه النوبة ...
فلما وصل إليه رحب به وضمه إلى صدره وقال له ما جاء بك إلى هذا المكان يا ابن أخي فقال اشتقت إليك وعرفت أبي فقال اغد إلى عمك أنت وأخوك قال فتبسم وقال والله يا وغيد ما جئت إلا في أمر ارسلك أبوك إليه قال فقلت لا بد من ذلك ثم أقمت عنده ذلك اليوم والثاني والثالث ثم عرفته بجميع ما اتفق من السلطان ومن أبي وكيف ارسلني إليه