لموسى بن مهنا يا موسى كيف يكون أبوك عاصيا عليّ ولا يدخل تحت طاعتي. فقال له موسى : والله يا مولانا السلطان لو اطاعك مهنا ما كنا عندك بهذه المنزلة والله إن عصيانه عليك جيد لنا ، والله لو أطعنا ما اطقناك فاحمر وجه السلطان خجلا منه. ثم قال لسيف : أبوك عاجز أن يخرج مهنا عن البلاد وأنا أضيف إليه عرب بني كلاب ، وبني مهدي فقال موسى : يا خوند أقول الصحيح أو أسكت قال قل الصحيح قال : وحياة رأسك ورأس مهنا إن فضلا لو جمع له مائة ألف بدوي لا يقدر أن يقاتل مهنا ولا كان يرمي أخاه ابدا ولا يسل احد منهما سيفا في وجه أخيه ، والله تعالى يحفظ مولانا السلطان لا يقل أحد إن فضلا يرمي مهنا ، أو مهنا يرمي فضلا ، وأي من ترضى منه كان في خدمتك إذا رأى مهنا أخاه يأكل خبزه ما يعظم عليه ذلك ، وإذا رددت خبزه عليه كذلك ما يعظم على فضل : فالغريب ما يدخل بيننا. ولما سمع السلطان ذلك لم يرد عليه جوابا ثم قاموا من المجلس. ولما رأى الأمراء أن السلطان قد انحرف من هذا الكلام انحرافا عظيما قال له الأمير عز الدين الخطيري يا خوند هذا وقتك فإن أولاد مهنا أربعة قد حصلوا عندك فاقبض عليهم وجردني أنا والأمير سيف الدين الأبو بكري ومقدرين من الشام ونحن نقيم في بلاد الرطبة سنة كاملة ونأكل اقطاع العرب ولا ندع مهنا ولا غيره ينظر إلى البلاد ابدا ويدخلون تحت طاعتك فكان جواب السلطان له : يا أمير عز الدين احذر أن تذكر شيئا من هذا فمثل مهنا وأولاده ما يفرط فيهم. ولما سمع الأمراء ذلك سكتوا ولم يردوا عليه جوابا وبعد أيام طلب السلطان موسى وإخوته وخلع عليهم وأكرمهم وأعطاهم أنعاما كثيرا ، واتفقوا معه على أنهم يرسلون إليه محمدا أخا مهنا ليضمن حضور أخيه إلى طاعته فخرجوا على ذلك وسافروا ...» ا ه (١).
__________________
(١) عقد الجمان ج ٢٢ ص ٢١٦.