فالترك ـ بصورة عامة ـ أمة مستقلة ، كثيرة العديد ومتألفة من قبائل وأقوام كثيرة يشملها هذا الاسم سوى أن المؤرخين اختلفت آراؤهم في اصلهم إلى ثلاثة منازع بالنظر لاختلاف المنابع التاريخية والمصادر التي عولوا عليها ، فالذي اعتمد على (الاغوز نامة) بين أن اصلهم يرجع إلى اوغوزخان. فكان اصلهم يقف عنده فلم يعلم من كان قبله. وأما ما اختاره علاء الدين الجويني ومن حذا حذوه وعول على كتابه (جهانكشا) يقول إن نسبهم يبتدىء من اويغور. والرأي الثالث يركن إلى قول الخواجة رشيد الدين ويرجح ما جاء في كتابه (جامع التواريخ) أن أصلهم المغول فيراعي تسلسل ملوكهم واشتقاقهم من اجداد المغول.
وقد رجح المؤرخ التركي (الدكتور رضا نور) رواية أوغوز وطعن في رواية الاويغور مبديا أنها خرافية. وأن القول بالمغولية فيها إكثار من الاسرائيليات. وما ركن إليه رشيد الدين فقد اقتبسه من العجم حين استيلاء جنگيز عليها وقال الدكتور إن هؤلاء العجم قد اشبعوا بحب الاسرائيليات ...
وهذه الروايات لا تخلو من نظر وتحتاج إلى تمحيص. وإن الترجيحات مبنية على تزلفات للمغول أو غيرهم نظرا لما نعلمه من أننا لا نجد أمة تكره اعلاء شأنها أو لا تحب عظمتها ومكانتها أو التباهي بنسبها والافتخار به ... مما دعا لبقائها إلى اليوم ، ولم نر قوما لا يرغب في اعتلاء صهوات المجد ، وخصوصا أن هذا القول قد يصدق أو يعد أقرب للصدق في حق من نال مقاما تاريخيا مجيدا ... فمن كتب التاريخ حين ظهور هؤلاء كان ممن يمت إليه بسبب أو يتزلف له ... فالقول الذي يصح الاعتماد عليه ـ بتعديل ـ ما حكاه صاحب (شجرة الترك) من أن الترك أقوام وقبائل تجمعها التركية ولم يرجح المغول ولا الاويغور ولا اوغوز بعضهم على بعض ولكنه ينقد من جهة أنه لم يقف عند هذا الحد بل جعل لهم شجرة أوصلها إلى آدم (س) فأوصل (ترك)