مغوليا كتب عن هذا العهد ليكون تاريخه مرجعا بعده ، وغالب من كتبوا من العرب وباللغة العربية قبل كل أحد ودوّنوا مشاهداتهم ومسموعاتهم ثم كتب العجم عنهم بالعربية والفارسية ، إلا أنها غير موصولة وفيها فترات لم يتيسر العثور عليها أو الاطلاع على تفصيلاتها بسهولة. أو أنها بقيت مجهولة ... وغالب الموجود مختلف المشارب والنزعات ، أو من صنائع نفس المغول ، أو مقصور على وصف الملوك وأعاظم رجال الإدارة ممن نال مكانة تاريخية باعتبار أنه الناهض بأمته ، والقائم بشؤونها ، والمسير لمقدراتها ...
ولكن لم تدقق هذه الوثائق الأمم باعتبار قوتها ومناعتها ، وأخلاقها وسيرها التاريخي والاجتماعي ، وتحفزها للوثوب والنهوض ، أو ذلها وخضوعها ...
ولهذه المراجع أوصاف خاصة ستوضح عند الكلام على كل منها ، وغالبها يعاب بأنه كتب في أزمنة محاطة بظروف وتمايلات أدت إلى كتمان الحقيقة أو توجيهها وعدم التصريح بها أو الإشارة الخفيفة ، أو المبالغة الزائدة والإشادة ... ذلك ما يدعو للارتياب وأن نستنطق وثائق كثيرة ، ونقابل بل نقارن بعضها ببعض ، ونلاحظ الدواعي والأسباب مما يفيد لتمحيص الوقائع ، وتمييز الصحيح من المدخول ...
قد بذلت الجهود في التحري والتنقيب ، واستنطقت مراجع كثيرة ... عرضتها على ميزان النقد التاريخي ... إلا أنني أقول بكل اطمئنان إن تاريخ العراق لهذا الزمن لم يكتب فيه إلا القليل ، وبصورة متفرقة ... وهذه أول تجربة جربها القلم فلم أعدل عن نقد من يستحق النقد ، ولا عوّلت إلا على ما اعتقدت صحته ، أو لم تكن له رواية أو نقل آخر غير ما هو محل النظر وموضع الاشتباه حذرا من أن يبقى فراغ لمدة قد تكون فترة في التاريخ والعهدة في ذلك على راويها بالشكل