وحينئذ لا مانع من جعل قاعدة كلية شاملة لموارد قاعدة الفراغ وموارد قاعدة التجاوز بلا لحاظ خصوصيات الموارد ، بأن يكون موضوع القاعدة مطلق الشك في شيء بعد التجاوز عنه بلا لحاظ خصوصية كون الشك متعلقاً بالصحة أو بالوجود ، فيكون المجعول عدم الاعتناء بالشك في الشيء بعد التجاوز عنه بلا لحاظ كون الشك متعلقاً بالوجود أو بالصحة وغيرهما من خصوصيات المورد.
بل يمكن أن يقال : إنّ وصف الصحة من الأوصاف الانتزاعية التي ليس في الخارج بازائها شيء ، إذ هو منتزع من مطابقة المأتي به للمأمور به ، فالشك في الصحة دائماً يرجع إلى الشك في وجود جزء أو شرط ، فلا مانع من جعل قاعدة شاملة لموارد الشك في الوجود وموارد الشك في الصحة ، لكون الشك في الصحة راجعاً إلى الشك في الوجود ، فتكون قاعدة الفراغ راجعة إلى قاعدة التجاوز.
وقد يستشكل في ذلك : بأن إرجاع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز إنّما يصح فيما إذا كان الشك في الصحة ناشئاً من الشك في وجود الجزء ، بخلاف ما إذا كان ناشئاً من الشك في وجود الشرط ، كالطهارة من الحدث بالنسبة إلى الصلاة ، إذ لو شككنا في صحة صلاة الظهر مثلاً بعد الفراغ منها للشك في تحقق الطهارة من الحدث ، كان مقتضى قاعدة الفراغ ـ بعد إرجاعها إلى قاعدة التجاوز ـ هو التعبد بوجود الطهارة من الحدث ، ولازمه جواز الدخول في صلاة العصر من غير حاجة إلى تحصيل الطهارة ، ولا يمكن الالتزام به ولم يقل به أحد ، ولا يلزم ذلك على تقدير كون قاعدة الفراغ غير قاعدة التجاوز ، إذ مقتضاها حينئذٍ الحكم بصحة صلاة الظهر لا الحكم بوجود الطهارة من الحدث.
والجواب عن هذا الاشكال يحتاج إلى توضيح معنى الجزئية والشرطية ،