فنقول : أمّا الروايات الواردة في قاعدة الفراغ فهي كثيرة يختص بعضها بالطهارات وبعضها بالصلاة. وهناك روايتان : إحداهما (١) خاصة بالطهارة والصلاة. ثانيتهما (٢) : لا تختص بمورد ، بل هي شاملة للطهور والصلاة وغيرهما. والظاهر من لفظ المضي في هذين الخبرين هو مضي الشيء المشكوك فيه حقيقة ، وحمله على مضي محل المشكوك فيه بتقدير لفظ المحل أو من باب الاسناد المجازي يحتاج إلى القرينة ، فيكون مفادهما عدم الاعتناء بالشك في شيء بعد مضي هذا الشيء المشكوك فيه ، ولا يصدق المضي إلاّبعد الوجود ، فانّه من الواضحات المعروفة أنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، فيكون مفادهما قاعدة الفراغ فقط دون قاعدة التجاوز. نعم ، لا نضايق عن دلالتهما على قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الجزء أيضاً ، كما إذا شك في صحة التكبير مع العلم بوجوده لشمول لفظ الشيء للكل والجزء كما تقدم.
وبالجملة : لو كنا وهذين الخبرين لم نستفد منهما قاعدة التجاوز أصلاً ، إلاّ أنّه هناك روايتان تدلان على قاعدة التجاوز : الاولى صحيحة زرارة. الثانية :
__________________
(١) نقل في الوسائل عن محمّد بن الحسن باسناده عن سعد بن عبدالله عن موسى بن جعفر عن أبي جعفر عن الحسن ابن الحسين اللؤلؤي عن الحسن بن علي بن فضال عن عبدالله بن بكير عن محمّد بن مسلم قال : «سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكراً فأمضه ، ولا اعادة عليك فيه» [الوسائل ١ : ٤٧١ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٦].
(٢) وفي الوسائل أيضاً عن محمّد بن الحسن عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال (عليهالسلام): «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» [الوسائل ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ٣] وهي موثقة.