إذا دل دليل على وجوب شيء ، ودل دليل على حرمة شيء آخر ، ودل دليل ثالث على استحباب شيء ثالث ، وعلمنا من الخارج بكذب أحد هذه الأدلة الثلاثة ، فتجري الصور السابقة بعينها ويعلم حكمها مما تقدم ، فلا حاجة إلى الاعادة ، ومجمل القول أنّه يطرح أحد هذه الأدلة الثلاثة على التعيين أو التخيير ، ويؤخذ بالآخرين ، هذا كله حكم الصورة الاولى.
وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا كانت النسبة بين الخاصين العموم من وجه ، كما إذا قال المولى : أكرم العلماء ثمّ قال : لا تكرم العالم الفاسق ، وقال أيضاً : لا تكرم العالم الشاعر ، فالحكم في هذه الصورة هو ما ذكرناه في الصورة السابقة ، من تخصيص العام بكلا المخصصين إذالم يستلزم التخصيص المستهجن وبقاء العام بلا مورد ، كما في المثال المذكور فانّه بعد إخراج العالم الفاسق والعالم الشاعر من عموم دليل وجوب إكرام العلماء ، تبقى تحت العام أفراد كثيرة.
وأمّا إذا استلزم أحد المحذورين المذكورين ، فيقع التعارض لا محالة ، فتتصور بالصور السابقة ، ويعرف حكمها مما تقدم بلا حاجة إلى الاعادة.
وربّما يتوهّم في المقام انقلاب النسبة ، وعدم جواز تخصيص العام بكلا المخصصين ـ ولو لم يكن فيه محذور ـ فيما إذا تقدم أحد الخاصين زماناً على الآخر ، كما إذا صدر العام من أمير المؤمنين عليهالسلام وأحد الخاصين من الباقر عليهالسلام والخاص الآخر من الصادق عليهالسلام فانّه يخصص العام بالخاص الصادر من الباقر عليهالسلام أوّلاً إذ به يكشف عدم تعلق الارادة الجدية من لفظ العام بالمقدار المشمول له ، فلا يكون العام حجةً بالنسبة إليه ، ثمّ تلاحظ النسبة بين العام والخاص الصادر من الصادق عليهالسلام وهي العموم من وجه حينئذ ، ففي المثال المذكور ـ بعد خروج العالم الفاسق من قوله : أكرم العلماء ـ يكون المراد منه العلماء العدول ، والنسبة بينهم وبين العالم