الشاعر هي العموم من وجه ، لاجتماعهما في العالم العادل الشاعر ، وافتراقهما في العالم العادل غير الشاعر ، والعالم الشاعر غير العادل. وهذا هو الفارق بين هذه الصورة والصورة الاولى ، فانّ النسبة بين العام وأحد الخاصين بعد تخصيص العام بالخاص الآخر هي النسبة بينهما قبله في الصورة الاولى ، فلا تنقلب النسبة أصلاً ، بخلاف الصورة الثانية كما عرفت.
وهذا التوهّم مدفوع بما ذكرناه سابقاً (١) من أنّ الأئمة عليهمالسلام كلهم بمنزلة متكلم واحد ، فانّهم يخبرون عن الأحكام المجعولة في الشريعة المقدسة في عصر النبي صلىاللهعليهوآله ولهذا يخصص العام الصادر من أحدهم بالخاص الصادر من الآخر منهم عليهمالسلام فانّه لولا أنّ كلهم بمنزلة متكلم واحد لا وجه لتخصيص العام في كلام أحدٍ بالخاص الصادر من شخص آخر ، فاذن يكون الخاص الصادر من الصادق عليهالسلام مقارناً مع العام الصادر من أمير المؤمنين عليهالسلام بحسب مقام الثبوت ، وإن كان متأخراً عنه بحسب مقام الاثبات. وكذا الخاص الصادر من الباقر عليهالسلام فكما أنّ الخاص المقدّم زماناً يكشف عن عدم تعلق الارادة الجدية من لفظ العام بالمقدار المشمول له ، كذلك الخاص المتأخر أيضاً يكشف عن عدم تعلق الارادة الجدية من لفظ العام بالمقدار الذي يكون مشمولاً له ، وكلاهما في مرتبة واحدة.
ويتضح ما ذكرناه بالمراجعة إلى الأوامر العرفية ، فانّه لو صدر من المولى عام وخاصان في زمان واحد مع كون النسبة بين الخاصين عموماً من وجه ، فأرسل الخاصين إلى العبد في زمان واحد بتوسط شخصين ، فوصل أحدهما إلى العبد قبل وصول الآخر ، لا يكون وصول أحدهما قبل الآخر موجباً
__________________
(١) في ص ٤٦٣.