معناه : أنّ شعري قد بلغ في المتانة والفصاحة إلى حدّ شيء (١) قيل في نظم إنه شعري فقد انتهى مدحه إلى الغاية فيفيد تكرير [المبالغة] (٢) التامة في المدح من هذا الوجه. وكذا جواب الشرط هاهنا ، يعني به أنه لا يمكن أن يوصف ترك (٣) بعض المبلّغ تهديدا أعظم من أنه ترك التبليغ ، فكان ذلك تنبيها على غاية التهديد والوعيد» وضعّف الوجه الذي قبله بأنّ من أتى بالبعض وترك البعض ، لو قيل إنه ترك الكل كان كذبا ، ولو قيل : إن الخلل في ترك البعض ، كالخلل في [ترك] (٤) الكل ، فإنه أيضا محال».
وفي هذا التضعيف الذي ذكره الإمام نظر ؛ لأنه إذا كان متى أتي به غير معتدّ (٥) به فوجوده كالعدم ، كقول الشاعر :
سئلت فلم تمنع ولم تعط نائلا |
|
فسيّان لا ذمّ عليك ولا حمد (٦) |
أي ، ولم تعط ما يعدّ نائلا ؛ وإلا يتكاذب البيت.
(الثالث) : أنه لتعظيم حرمة كتمان البعض جعله ككتمان الكل ، كما [١١٣ / ب] في قوله تعالى : (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (المائدة : ٣٢).
(الرابع) : أنه وضع السبب موضع المسبّب ، ومعناه : (٧) إن لم تفعل ذلك [فلك] ما يوجبه [كتمان الوحي كله من العذاب] (٧). ذكر هذا والذي قبله صاحب «الكشّاف» (٨).
(تنبيه) : قال الإمام أبو بكر الرازي (٩) : «وفي هذه [الآية] (١٠) دلالة على أن كلّ ما
__________________
هشاما في قصيدة أولها : الحمد لله الوهوب المجزل وهي أجود أرجوزة للعرب (ابن قتيبة الشعر والشعراء ص ٤٠٠).
(١) في المخطوطة (متى) كذا في التفسير.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (تلك).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (متعدد).
(٦) البيت في المقرّب لابن عصفور ص ٥٤.
(٧) عبارة المخطوطة : (إن لم تفعل ذلك ما يوجبه لكان) وما بين الحاصرتين زيادة من الكشاف لا يستقيم المعنى بدونها.
(٩) انظر الكشاف ١ / ٣٥٣ ، بتصرف.
(١٠) هو أحمد بن علي المعروف بالجصاص تقدم في ٢ / ١٢٦ ، وانظر قوله في كتابه أحكام القرآن ٢ / ٤٤٩ مطلب في الدليل على صحة نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم.
(١١) ساقطة من المخطوطة.