والخياطة ونحوها من الأعمال التي يستعان فيها بالأصابع ، قالوا : وذكرت [١١٩ / ب] البنان لأنه قد ذكرت اليدان ؛ فاختصّ منها ألطفها.
وجوّز أبو عبيدة (١) ورود البعض وإرادة الكلّ ؛ وخرّج عليه قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (الزخرف : ٦٣) أي كلّه ، وقوله [تعالى] (٢) : (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) (غافر : ٢٨) وأنشد بيت لبيد :
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها |
|
أو يعتلق (٣) بعض النفوس حمامها (٤) |
قال : والموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض ؛ ويقال للمنيّة : علوق ، وعلاقة. انتهى. وهذا الذي قاله فيه أمران : (أحدهما) : أنه ظنّ أن النبيّ يجب عليه أن يبيّن في شريعته جميع ما اختلفوا فيه ؛ وليس كذلك ؛ بدليل سؤالهم عن الساعة وعن الروح وغيرهما (٥) مما لا يعلمه إلا الله. وأما الآية الأخرى ، فقال ثعلب : إنه كان وعدهم بشيء من العذاب : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فقال : يصبكم هذا العذاب في الدنيا ، ـ وهو بعض الوعيد ـ من غير نفي عذاب الآخرة. (الثاني) : أنه أخطأ في فهم البيت ؛ وإنما (٦) مراد الشّاعر ببعض النفوس نفسه هو ، لأنها بعض النّفوس حقيقة ؛ ومعنى البيت : أنا إذا لم أرض الأمكنة أتركها إلى أن أموت ؛ أي إذا تركت شيئا لا أعود إليه إلى أن أموت ، كقول الآخر :
إذا انصرفت نفسي عن الشّيء لم تكد |
|
إليه بوجه آخر الدّهر ترجع |
وقال الزمخشريّ : إن صحّت الرواية عن أبي عبيدة ، (٧) فيدخل فيه قول (٧) المازني (٨)
__________________
(١) في كتاب مجاز القرآن ٢ / ٢٠٥.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (يتعلق).
(٤) البيت في ديوانه ص ١٧٥ (طبعة دار صادر) من معلقته التي مطلعها :
عفت الدّيار محلّها فمقامها |
|
بمنى تأبّد عولها فرجامها |
(٥) في المخطوطة (وغيرها).
(٦) في المخطوطة (وإن).
(٧) العبارة في المخطوطة (فقد حق منه قال ...).
(٨) هو بكر بن محمد بن بقية ، أبو عثمان المازني شيخ نحاة البصرة تقدم في ٢ / ٣٦٥. وقد ذكر القصة كاملة القفطي في إنباه الرواة ١ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ في ترجمته.