٦٤) كناية عن كرمه ، وثنّى اليد ـ وإن أفردت في أول الآية ـ ليكون أبلغ في السخاء والجود.
* (ثامنها) : التنبيه على مصيره ، كقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (المسد : ١) أي جهنميّ مصيره إلى اللهب. وكقوله : (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (المسد : ٤) أي نمّامة ، ومصيرها إلى أن تكون حطبا لجهنّم.
* (تاسعها) : قصد الاختصار (١) ؛ ومنه الكناية عن أفعال متعدّدة بلفظ «فعل» ، كقوله [تعالى] (٢) (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة : ٧٩) (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) (النساء : ٦٦) (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (البقرة : ٢٤) أي فإن لم تأتوا بسورة من مثله ولن تأتوا.
* (عاشرها) : أن يعمد إلى جملة ورد معناها على خلاف الظاهر ، فيأخذ الخلاصة منها من غير اعتبار مفرداتها بالحقيقة أو المجاز ، فتعبر بها عن مقصودك (٣) ؛ وهذه الكناية استنبطها الزمخشريّ (٤) ، وخرج عليها قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (طه :
٥) فإنه كناية عن الملك ؛ لأن الاستواء على السرير لا يحصل إلا مع الملك ، فجعلوه كناية عنه.
وكقوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...) الآية (الزمر : ٦٧) إنه كناية عن عظمته وجلالته من غير ذهاب بالقبض واليمين إلى جهتين : حقيقة ومجاز.
وقد اعترض الإمام فخر الدين (٥) [١٢٦ / أ] على ذلك بأنها تفتح باب تأويلات الباطنية ، فلهم أن يقولوا : المراد من قوله : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) (طه : ١٢) الاستغراق في الخدمة من غير الذهاب إلى نعل وخلعه ، وكذا نظائره. انتهى. وهذا مردود لأن [هذه] (٦) الكناية إنما يصار إليها عند عدم إجراء اللفظ على ظاهره ، كما سبق من الأمثلة ، بخلاف خلع النعلين ونحوه.
(تنبيهان)
الأول : في أنه هل يشترط في الكناية قرينة كالمجاز؟. هذا ينبني على الخلاف السابق
__________________
(١) في المخطوطة (الاختصاص).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (مقصوده).
(٤) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٧.
(٥) الرازي في تفسيره ٢٢ / ٧.
(٦) ساقطة من المطبوعة.